للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجر نفسه وقلبه مرارا، وقال: هَذِهِ دنانيرنا، وأمسك فم الهميان بيده الشمَال ورد المَال بيده اليمين فيه، وشده [١] شدا سهلا ووضعه عَلَى كتفه، ثم أراد الخروج، فلمَا بلغ باب الدار رجع، وقال للشيخ: يَا شيخ! مَات أبي رحمه الله [٢] وترك من هَذَا ثلاثة آلاف دينار، فَقَالَ لي أخرج ثلثها ففرقه عَلَى أحق الناس عندك، وبع رحلي، واجعله نفقة لحجك! ففعلت ذلك وأخرجت ثلثها ألف دينار وشددتها فِي هَذَا الهميان، ومَا رأيت منذ خرجت من خراسان إِلَى ها هنا رجلا [٣] أحق به منك، خذه بارك الله لك فيه، قَالَ [٤] :

ثم ولى وتركه.

قَالَ: فوليت خلف الخراساني فعدا أبو غياث فلحقني وردني، وَكَانَ شيخا مشدود الوسط بشريط معصب الحاجبين، ذكر أن لَهُ ستا وثمَانين سنة، فَقَالَ لي:

اجلس، فقد رأيتك تتبعني فِي أول يوم وعرفت خبرنا بالأمس واليوم، فَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ [٥] الْيَرْبُوعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: سَمِعْتُ نَافِعًا يَقُولُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلّم قال لعمر وعلي: «إذا أتاكما بهداه بِلا مَسْأَلَةٍ وَلا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ فَاقْبَلاهَا وَلا تَرُدَّاهَا فَتَرُدَّاهَا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» [٦] وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ وَالْهَدِيَّةُ لِمَنْ حَضَرَ، ثُمَّ قَالَ: يَا لُبَابَةُ، الْهِمْيَان وَادْعِي فُلانَةَ وَفُلانَةَ وصاح ببناته وأخواته، وقال: ابسطوا ١٢٢/ ب حُجُورَكُمْ. فَبَسَطْتُ حِجْرِي/، وَمَا كَانَ لَهُنَّ قَمِيصٌ لَهُ حِجْرٌ يَبْسُطُونَهُ فَمَدُّوا أَيْدِيَهُمْ، وَأَقْبَلَ يَعُدُّ دِينَارًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْعَاشِرَ إِلَيَّ قَالَ: ولك دينارا [٧] .

حَتَّى فَرَغَ الْهِمْيَانُ، وَكَانَتْ أَلْفًا، فَأَصَابَنِي مِائَةُ دِينَارٍ، فَتَدَاخَلَنِي مِنْ سُرُورِ غِنَاهُمْ أَشَدَّ مِمَّا داخلني مِنْ سُرُورٍ [٨] أَصَابَنِي بِالْمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الخروج قال لي: يا


[١] في ت: «ثم شده» .
[٢] «رحمه الله» ساقطة من ت.
[٣] «رجلا» ساقطة من ت.
[٤] «قال» ساقطة من ت.
[٥] «بن يونس» ساقطة من ت.
[٦] أخرجه البخاري في صحيحه ١٣/ ١٥٠، ومسلم ٢/ ٧٢٣.
[٧] «إذا بلغ العاشر إلى قال: ولك دينارا» ساقط من ت.
[٨] «غناهم أشد مما داخلني من سروري» ساقط من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>