للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتى النَّبِي شعيا ملك بَنِي إسرائيل فأخبره، فأقبل عَلَى القبلة فصلى وسبح ودعا وبكى، وَقَالَ وَهُوَ يبكي ويتضرع إِلَى اللَّه: زدني فِي عمري، فأوحى اللَّه إِلَى شعيا أَن يخبر الْمَلِك أَن ربه قَدْ رحمه وَقَدْ أخر أجله خمس عشرة سَنَة، وأنجاه من عدوه. فقال الملك لشعيا: سل ربك أن يجعل لنا علما بِمَا هُوَ صانع بعدُونَا هَذَا.

قَالَ: فَقَالَ اللَّه لشعيا: قل لَهُ إني قَدْ كفيتك عدوك وأنجيتك مِنْهُم وأنهم سيصبحون موتى كلهم إلا سنحاريث وخمسة من كتابه.

فلما أصبح جاء صارخ فصرخ عَلَى بَاب المدينة: يا ملك بَنِي إسرائيل، إِن اللَّه قَدْ كفاك عدوك، فاخرج فَإِن سنحاريث ومن مَعَهُ قَدْ هلكوا.

فلما خرج [الْمَلِك] [١] التمس سنحاريث فلم يوجد فِي الموتى، فبعث الْمَلِك فِي طلبه، فأدركه الطلب في مغارة هو وخمسة من كتابه أحدهم نصر، فجعلوهم فِي الجوامع، ثُمَّ أتوا بهم ملك بَنِي إسرائيل، فلما رآهم خر ساجدا، ثُمَّ قَالَ لسنحاريث:

كَيْفَ ترى فعل ربنا بكم؟ ألم يقتلكم بحوله وقوته ونحن وأنتم غافلون! فَقَالَ سنحاريث لَهُ: قَدْ أتاني خبر ربكم ونصره إياكم ورحمته الَّتِي رحمكم بها قبل أَن أخرج من بلادي، فلم أطع مرشدا وَلَمْ يلقني فِي الشقوة إلا قلة عقلي.

فَقَالَ ملك بَنِي إسرائيل: إِن ربنا إِنَّمَا أبقاك ومن معك لتخبروا من وراءكم بِمَا رأيتم من فعل ربنا، ولتنذروا من بعدكم.

ثُمَّ أمر أمِير حرسه فقذف فِي رقابهم الجوامع، وطاف بهم سبعين يوما حول بيت المقدس، وكان يرزقهم فِي كُل يَوْم خبزتين من شعير لكل رجل مِنْهُم. فَقَالَ سنحاريث لملك بَنِي إسرائيل: القَتْل خير مِمَّا تفعل بنا، فافعل مَا أمرت.

فأمر بهم إِلَى سجن القتل، فأوحى اللَّه إِلَى شعيا النَّبِي: أَن قل لملك بَنِي إسرائيل يرسل سنحاريث ومن مَعَهُ لينذروا من وراءهم، وليكرمهم وليحملهم حَتَّى يبلغوا بلادهم.

فبلغ النَّبِي شعيا ذَلِكَ الْمَلِك، ففعل، فخرج سنحاريث ومن مَعَهُ حَتَّى قدموا بابل، فلما قدموا جمع النَّاس فأخبرهم كَيْفَ فعل اللَّه بجنوده، ثُمَّ لبث سنحاريث بَعْد ذَلِكَ سبع سنين ثُمَّ مات.


[١] ما بين المعقوفتين من هامش المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>