للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الموفق عاود الخصومة، فدخل أصحابه إلى قصر من تلك القصور، فانتهبوا وأحرقوا واستنقذوا نسوة كن فيه، وقصدوا إحراق دار الزنجي، فتعذر عليهم [١] لكثرة الحماة عنها، يرمون من فوق السور بالنشاب والحجارة، واستأمن إلى أبي أَحْمَد مُحَمَّد بن سمعان كاتب الخبيث ووزيره، فاجتمع أصحاب الموفق، وحملوا فأحرقوا الدار، فخرج الخبيث هاربا، وترك جميع أمواله، فانتهب ما لم يأت عليه النار، وأصاب الموفق سهم في ثندوته اليسرى، فشارف الموت، فتصدقت عنه [٢] أمه بوزنه ورقا، فكان ثلاثين ألف درهم حين سلم، ثم مرض الموفق مدة، فاشتغل الخبيث بإصلاح [٣] ما تشعث، فلما عوفي [الموفق] [٤] عاود القتال، فقتل منهم خلقا كثيرا، واستخرج نساء وأطفالا كن بأيديهم.

فسأل ولد الخبيث الأمان فأجابه أبو أَحْمَد، فعلم الأب، فرد الولد عن ذلك العزم، فعاد إلى القتال، واستأمن خلق كثير فأمنهم، وخلع عليهم، وصار قواده يقاتلون، فاستوحشوا من ذلك، وتجاسروا وتخافوا [٥] ، فجمع الموفق جنده وهم يزيدون على خمسين ألفا، والسفن الكثيرة يزيد ملاحوها على عشرة آلاف، وتأجج القتال، فتلقاهم العدو، واشتد القتال، فهزم العدو، وقتل منهم مقتله عظيمة، وأسر جماعة كثيرة، ونجا الخبيث/ إلى داره، وجمع أصحابه للمدافعة عنها، فلم يقدروا، فدخلها أصحاب أبي أَحْمَد [٦] وأحرقوها، وما بقي فيها من متاع، وأمر الموفق بنساء الخبيث وأولاده، فحملوا إلى الموفقية والتوكيل بهم، وكان قد تغلب على حرم المسلمين، وجاءه منهن الأولاد.

وحج بالناس في هذه السنة: هارون بن مُحَمَّد الهاشمي.


[١] «عليهم» ساقطة من ك.
[٢] «عنه» ساقطة من ك.
[٣] في الأصل: «بترميم» .
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٥] في الأصل: «وخافوا وتجارسوا» .
[٦] في الأصل: «أبى الموفق» .

<<  <  ج: ص:  >  >>