للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنتم إلى منازلكم، فانصرفت [أنا] [١] والقوم، فلما عدت إلى منزلي لم يستو قعودي حتى أتاني رسول الأمير مسرعا مستعجلا يطلبني حثيثا، فأجبته مسرعا فوجدته منفردا في بيت واضعا يمينه على خاصرته لوجع ممض اعتراه في داخل حشاه فقال لي: أتعرف الحسن بْن سفيان وأصحابه؟ فقلت: لا، فَقَالَ: اقصد المحلة الفلانية والمسجد الفلاني، واحمل هذه الصرر وسلمها إليه والى أصحابه، فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع بحالة صعبة [٢] ، ومهد عذري لديهم وعرفهم أني صبيحة الغد زائرهم ومعتذر شفاها إليهم، فَقَالَ الشاب وسألته عن السبب الذي دعاه إلى هذا فَقَالَ: دخلت إلى هذا البيت منفردا على أن أستريح ساعة، فلما هدأت عيني رأيت في المنام فارسا في الهواء متمكنا تمكن من أن يمشى على بساط الأرض [٣] وبيده رمح فجعلت أنظر إليه متعجبا حتى نزل إلى باب هذا البيت، ووضع سافلة رمحه على خاصرتي، وَقَالَ: قم أدرك الحسن بْن سفيان وأصحابه، قم فأدركهم [قم فأدركهم] [٤] فإنهم منذ ثلاثة أيام جياع في المسجد الفلاني، فقلت له: من أنت؟ فَقَالَ [أنا] [٥] رضوان صاحب الجنة، ومنذ أصابت سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد لا حراك لي معه، فعجل إيصال هذا المال إليهم ليزول هذا الوجع عنى. قَالَ الحسن: فتعجبنا من ذلك وشكرنا الله تعالى وأصلحنا أحوالنا ولم تطب نفوسنا بالمقام لئلا يزورنا الأمير، ولئلا تطلع الناس على أسرارنا فيكون ذلك سبب ارتفاع اسم وانبساط جاه، ويتصل ذلك [٦] بنوع من الرياء والسمعة، فخرجنا تلك الليلة من مصر وأصبح كل واحد منا واحد عصره وقريع دهره في العلم والفضل، فلما أصبح الأمير ابن طولون جاء لزيارتنا، فأخبر بخروجنا، فأمر بابتياع تلك المحلة بأسرها وأوقفها على ذلك المسجد [٧] وعلى من ينزل به من الغرباء وأهل


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٢] في ص، ل: «ثلاثة أيام بحالة صعبة» .
[٣] في ل، ك، ت: «على بسيط الأرض» .
[٤] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٥] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٦] في ت: «ويتقبل ذلك» .
[٧] في ك، ت: «ووقفها على ذلك المسجد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>