للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في العلم حتى استقللت فجاءه كتاب بعض بني مادمة من الصراة [١] يلتمسون معلما نحويا لأولادهم، فقلت له: اسمني لهم، فأسماني فخرجت فكنت أعلمهم وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عليه، ومضت على ذلك مدة، فطلب منه عُبَيْد اللَّهِ بْن سليمان مؤدبا لابنه الْقَاسِم، فقال: لا أعرف لك إلا رجلا زجاجا بالصراة مع بني مادمة [٢] ، قَالَ: فكتب إليهم عُبَيْد اللَّهِ فاستنزلهم عني فأحضرني وأسلم إلى الْقَاسِم، فكان ذلك سبب غناي، وكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم في كل يوم إلى أن مات ولا أخليه من التفقد معه بحسب طاقتي [٣] .

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِي بْن أبي عَلي، قَالَ: أخبرني أبي، قَالَ: حدثني أَبُو الحسين عبد الله بْن أَحْمَد بْن عياش القاضي، قَالَ: حدثني أَبُو إسحاق الزجاج، قَالَ: كنت أؤدب الْقَاسِم بْن عبيد الله، فأقول له: إن بلغك الله مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بي؟ [٤] فيقول: ما أحببت، فأقول: [أن] [٥] تعطيني عشرين ألف دينار، وكانت غاية أمنيتي، فما مضت إلا سنون حتى ولي الْقَاسِم الوزارة وأنا على ملازمتي له، وقد صرت نديمه، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد ثم هبته، فلما كَانَ في اليوم الثالث من وزارته، قَالَ لي: يا أبا إسحاق ألم أرك أذكرتني بالنذر؟ فقلت: عولت على رأي الوزير أيده الله، وأنه لا يحتاج إلى إذكاري لنذر عليه في أمر خادم واجب الحق، فَقَالَ لي: إنه المعتضد [باللَّه] [٦] ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك في مكان واحد، ولكن أخاف أن يصير له معك حديثا فاسمح لي أن تأخذه متفرقا [٧] ، فقلت: أفعل، فَقَالَ: اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار، واستجعل عليها، ولا تمتنع من مسالتي شيئا تخاطب فيه


[١] في ت: «بني مادية من الصراة» .
[٢] في ت: «بالصراة مع بني مادية» .
[٣] في ت: «بحسب حالي» .
[٤] في ت: «ما تصنع بي» .
[٥] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٦] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٧] في ك: «فاسمح بأخذ ذلك متفرقا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>