للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاء، فإن ابن الفرات وضع منه وأدخل فيه أقواما لا علم لهم ولا أبوة، فما مضت إلا سنوات حتى ابتدأت الوزارة تتضع ويتقلدها [١] من ليس باهل، حتى بلغت سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة إلى أن تقلد وزارة المتقي أبو العباس الأصبهاني الكاتب، وكان في غاية سقوط المروءة والرقاعة، ولقد رأيت قردا معلما يقول له القراد: أتحب أن تكون بزازا؟

فيقول: نعم، ويومي برأسه، فيقول: تشتهي أن تكون عطارا؟ فيومي برأسه نعم، إلى أن يقول: [٢] أتشتهي أن تكون وزيرا؟ فيومي برأسه لا، فيضحك الناس، وَكَانَ أول ما وضع من القضاء أنه قلده أبا أمية الأحوص البصري، فإنه كَانَ بزازًا فاستتر ابن الفرات عنده وخرج من داره إلى الوزارة فولاه القضاء، وجرت الحال على ما ذكرنا في ترجمة الأحوص سنة ثلاثمائة.

وقد ذكرنا كيف اتضع ابن الفرات، وكيف أخذ وحبس وقتل في حوادث هذه السنة فلا نعيده.

أنبأنا مُحَمَّد بْن أبي طاهر، عن أبي الْقَاسِم التنوخي، عن أبيه، قَالَ: أخبرني بعض الكتاب، قَالَ: كَانَ ابن الفرات قد صودر على ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار، فأدى جميعها في مدة ستة عشر شهرا من وقت أن قبض عليه.

أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ [الْبَزَّازُ] [٣] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أَبُو مُحَمَّد، قَالَ: حدثني بعض شيوخ الكتاب ببغداد عمن حدثه أنه سمع أبا الحسن ابن الفرات يقول لأبي جعفر بْن بسطام: ويحك يا أبا جعفر، لك قصة في رغيف، فَقَالَ: إن أمي كانت عجوزا صالحة عودتني منذ ولدتني أن تجعل تحت مخدتي التي أنام عليها في كل ليلة رغيفا فيه رطل، فإذا كَانَ من غد تصدقت به عني فأنا أفعل ذلك إلى الآن، فَقَالَ ابن الفرات: ما سمعت بأعجب من هذا، أعلم أني من أسوأ الناس رأيا فيك لأمور أوجبت ذلك، وأنا مفكر منذ أيام في


[١] في ص: «الوزارة تتضعضع ويتقلدها» .
وفي ك: «الوزارة تتضع وتلقدها» .
[٢] «فيقول: تشتهي ... إلى أن يقول» : العبارة ساقطة من ص، ل.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>