للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولون: إنهم حصلوا ما ارتفعت به مصادرة أبي عبد الله بْن الجصاص في أيام المقتدر، فكانت ستة آلاف ألف دينار سوى ما قبض من داره، وبعد الذي بقي له من ظاهره.

قَالَ المحسن: وسمعت أبا مُحَمَّد جعفر بْن ورقاء الشيباني، يحدث في سنة تسع [١] وأربعين وثلاثمائة، قَالَ: اجتزت بابن الجصاص بعد إطلاقه إلى داره من المصادرة بأيام، وكانت بيننا مودة ومصاهرة، فرأيته على روشن داره على دجلة في وقت حار وهو حاف حاسر يعدو من أول الروشن إلى آخره كالمجنون، فطرحت طياري إليه وصعدت بغير إذن، فلما رآني استحيا وعدا إلى مجلس له، فقلت له: ويحك ما الذي أصابك؟ فدعا بطست فغسل وجهه ورجليه ووقع ساعة كالمغشي عليه، ثم قَالَ: أو لا يحق لي أن يذهب عقلي وتدحرج عن يدي كذا وكذا، وأخذ مني كذا وكذا، وجعل يعده أمرا عظيما، فقلت له: يا هذا نهايات الأموال/ غير مدركة، وإنما يجب أن تعلم أن النفوس لا عوض لها، والعقول والأديان، فما سلم لك ذلك فالفضل معك، وإنما يقلق هذا القلق من يخاف الفقر والحاجة إلى الناس أو يفقد العادة من مأكول ومشروب وملبوس أو النقصان في جاه، فاصبر حتى أوافقك على أنه ليس ببغداد اليوم [٢] بعد ما خرج عنك أيسر منك من أصحاب الطيالس، فَقَالَ: هات، فقلت: أليس دارك [هذه التي كانت قبل مصادرتك ولك فيها من الفرش والأثاث ما فيه جمال لك؟] [٣] قَالَ: بلى، فقلت: وقد بقي من عقارك بالكرخ ما قيمته خمسون ألف دينار؟ فَقَالَ: نعم، قلت:

ودار الحرز [٤] وقيمتها عشرة آلاف دينار؟ قَالَ: نعم، قلت: وعقارك بباب الطاق قيمته ثلاثون ألف دينار؟ قَالَ: نعم. قلت: وبستانك الفلاني ومصنعتك [٥] الفلانية وقيمتها كذا؟

قَالَ: نعم، قلت: ومالك بالبصرة قيمته مائة ألف دينار؟ قَالَ: نعم، فجعلت أعدد عليه حتى بلغت قيمته ذلك سبعمائة ألف دينار، فقلت: واصدقني عما سلم لك من الجوهر


[١] في ك: «في سنة سبع» ،
[٢] «اليوم» : ساقطة من ص، ل.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقطة من ت، وكتبت على هامشها.
[٤] في ص: «ودار الحرز» .
[٥] في ك: «وبستانك الفلاني، وضيعتك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>