للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسمع العسكر هذا فقالوا: نمضي فنسمع ما يقول، فأخرج المقتدر جميع من كَانَ يحمل سلاحا وجلس على سريره في حجره مصحف يقرأ فيه، وأمر بفتح الأبواب وأحضر بنيه، فأقامهم حول سريره، فصار المظفر إلى باب الخاصة، ثم صرف الناس على حالة جميلة، فسروا بالسلامة، ورجع المظفر إلى داره، فلما كَانَ يوم الخميس لثلاث عشرة من المحرم عاود أصحاب نازوك وسائر الفرسان الركوب في السلاح، وأخرجوا المظفر على كره منه وغلبه نازوك على التدبير، وركب نازوك يوم الجمعة بعد الصلاة والناس معه في السلاح، فوجدوا الأبواب مغلقة فأحرقوا بعضها ودخلوا وقد تكاملت عدة الفرسان اثني عشر ألفا ومبلغ مالهم في كل شهر خمسمائة ألف دينار، والرجالة عشرون ألفا ومبلغ مالهم [١] عشرون ومائة ألف دينار، فدخل نازوك وأصحابه الدار بخيلهم، فدخل المظفر وأخرج الخليفة وولده والسيدة إلى منزله، ونهب الجند الدار ثم دخل المظفر [٢] بالقصر، وأجمع رأي نازوك وعبد الله بْن حمدان على إجلاس مُحَمَّد بْن المعتضد، فجاءوا به في ليلة السبت للنصف من المحرم، فسلموا عليه بالخلافة، ولقب القاهر باللَّه، وقلد أَبُو عَلي بْن مقلة وزارته، ونازوك الحجبة مضافا إلى الشرطة، ونهبت دار السلطان، ووجد لأم المقتدر ستمائة ألف دينار، فحملت وخلع المقتدر من الخلافة يوم السبت النصف من المحرم، وأشهد على نفسه القضاة بالخلع، وسلم الكتاب بذلك إلى القاضي [٣] أبي عمر مُحَمَّد بْن يُوسُف، فسلمه إلى ولده أبي الحسين، وَقَالَ له:

احفظه ولا يراه أحد من خلق الله، فلما أعيد المقتدر إلى الخلافة بعد يومين أخذ القاضي أَبُو عمر الكتاب، فسلمه إلى المقتدر من يده إلى يده وحلف له أنه ما رآه أحد من خلق الله غيري، فحسن موقع ذلك من المقتدر وشكره وقلده بعد مديدة قضاء القضاة [٤] .

ولما كَانَ من غد بيعة القاهر، وهو يوم الأحد، جلس القاهر باللَّه، وحضر الوزير أبو


[١] «في كل شهر خمسمائة.... ومبلغ مالهم» ساقطة من ص، ل.
[٢] في المطبوعة: «ثم وكل المظفر» .
[٣] في ك: «وسلم ذلك الكتاب إلى القاضي» .
[٤] في ت: «مدة مديدة قاضي القضاة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>