للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن المضيع لهذا ... نزر المروءة بارد

فما شعرت إلا بمحفة محبرة يحملها غلمانه إلى داري وأنا جالس على بابي، فقلت له: لم جئت ومن دعاك؟ قَالَ: أنت! قلت: إنما قلت لك ماذا ترى في هذا وعنيت في بيتك وما قلت لك أنه في بيتي، وبيتي والله أفرغ من فؤاد أم موسى، فَقَالَ: الآن قد جئت ولا أرجع، ولكن أدخل إليك وأستدعي من داري ما أريد، قلت: ذاك إليك، فدخل فلم ير في بيتي إلا بارية، فَقَالَ: يا أبا الحسن هذا والله فقر مفضح، هذا ضر مدقع ما هذا؟ فقلت: هو ما ترى، فأنفذ إلى داره فاستدعى فرشا وقماشا، وجاء فراشه ففرشه، وجاءوا من [الصفر والشمع] [١] وغير ذلك مما يحتاج إليه، وجاء طباخه بما كَانَ في مطبخه، وجاء شرابوه بالصواني والمخروط والفاكهة والبخور، وجلس يومه ذلك عندي، فلما كَانَ من غد سلم إلى غلامه كيسا فيه ألفا درهم، ورزمة ثياب من فاخر الثياب، واستدعى محفته فجلس فيها وشيعته هنية، فلما بلغ آخر الصحن قَالَ: مكانك يا أبا الحسن احفظ بابك فكل ما في الدار لك، وَقَالَ للغلمان: اخرجوا فأغلقت الباب على قماش بألوف كثيرة.

أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي، قال: حدثني الحسن بْن أبي طالب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، قَالَ: أنشدنا جحظة:

قل للذين تحصنوا من راغب ... بمنازل من دونها حجاب

إن حال دون لقائكم بوابكم ... فاللَّه ليس لبابه بواب

أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر، أخبرنا محمد بن أبي نصر الحميدي، أنشدنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين بْن دينار، قَالَ: أنشدني أَبُو الفرج الأصبهاني، قَالَ: أنشدنا جحظة:

لنا صاحب من أبرع الناس في البخل ... وأفضلهم فيه وليس بذي فضل

دعاني كما يدعو الصديق صديقه ... فجئت كما يأتي إلى مثله مثلي

فلما جلسنا للغداء رأيته ... يرى إنما من بعض أعضائه أكلي


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، س.

<<  <  ج: ص:  >  >>