للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وورد الخبر في ربيع الأول: أن الغلاء بأنطاكية وسائر الثغور اشتد حتى لم يقدر على الخبز، وانتقل من الثغور إلى دمشق وغيرها خمسون ألفا هربا من الغلاء.

وفي جمادى الأولي: ورد الخبر بأن الهجريين أنفذوا سرية إلى طبرية واستمدوا [١] من سيف الدولة حديدًا فقلع [٢] أبواب الرقة- وكانت من حديد- وأخذ كل حديد وجد حتى أخذ صنجات الباعة والبقالين، فبعثها إليهم حتى كتبوا إليه: إننا قد استغنينا.

وفي جمادى الآخرة: أراد معز الدولة الإصعاد إلى الموصل، فانحدر إلى الخليفة فودعه وخرج.

وروى هلال/ بن المحسن الصابي، عن أبي الحسن ابن الخراساني حاجب معز الدولة، قال: كنت مع معز الدولة بحضرة المطيع، فلما تقوض المجلس قال لي: قل للخليفة: أريد أن أطوف الدار وأشاهدها، وأتأمل صحونها وبساتينها، فيتقدم إليَّ مَنْ يمشي معي ويطيفني. فقلت له ذلك، فتقدم إلى خادمه شاهك وحاجبه ابن أبي عمرو، فمشيا بين يديه وأنا وراءهما بعدنا عن حضرة الخليفة، فقالا له [٣] : لا يجوز أن نتخرق الدار في أكثر من نفسين [٤] أو ثلاثة، فاختر من تريد واردد الباقين. فأخذ أبا جعفر الصيمري معه، ونحن عشرة من غلمانه وحجابه، ووقف باقي الجند والحواشي في صحن السلام، ودخلنا ومضى الأمير مسرعا فلحقته وجذبت قباءه من خلفه، فالتفت إلي، فقلت له بالفارسية وأصحاب الخليفة لا يعرفونها: في أي موضع [٥] أنت حتى تسترسل هذا الاسترسال، وتعدو من غير تحفظ ولا استظهار، ألا تعلم أنه قد فتك في هذا الدار بألف أمير ووزير، وما كان غرضك في أن تطوف وحدك، أليس لو وقف لنا عشرة نفر من الخدم أو غيرهم في هذه الممرات الضيقة لأخذونا؟ فقال له الصيمري: قد


[١] في ص، ل: «واستهدوا» .
[٢] في الأصل: «فقطع» .
[٣] في الأصل: «فقالا انه» .
[٤] في الأصل: «اثنين» .
[٥] في ل، ص: «موضح» .

<<  <  ج: ص:  >  >>