للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركب المطيع إلى معز الدولة يعزيه عنها، فنزل معز الدولة، وقبل الأرض بين يديه، وأكثر الشكر، فلما صار عضد الدولة إلى بغداد في الدفعة الأخيرة مستوليا على الأمور فيها، أنفذ أبا الحسن محمد بن عمر العلوي من معسكره ندبا إلى حضرة الطائع، فوافى [باب] [١] دار الخلافة نصف الليل، وراسل بأنه قد حضر في مهم، فجلس له الطائع وأوصله فقال: يا مولانا أمير المؤمنين، قد ورد هذا الملك، وهو من الملوك المتقدمين، وجاري مجرى [٢] الأكاسرة المعظمين، وقد أمل من/ مولانا التمييز عن [٣] من تقدمه، والتشريف بالاستقبال الذي يتبين على جميل الرأي فيه، فقال الطائع: نحن له معتقدون، وعليه معتزمون، وبه قبل السؤال متبرعون، فأعلمه ذلك، قال ابن حاجب النعمان: ولم يكن للطائع نية في ذلك ولا هم به، لأنه علم أنه لا يجوز رده فأحب أن يجعل المنة ابتداء منه.

قال محمد بن عمر: فعدت إلى عضد الدولة من وقتي، فعرفته ما جرى فسر به، وخرج الطائع من غد فتلقاه في دجلة.

قال محمد بن عمر: فقال لي عضد الدولة، هذه خدمة قد أحسنت القيام بها، وبقيت أخرى لا نعرف فيها غيرك، وهي منع العوام من لقائنا بدعاء وصياح. فقلت: يا مولانا تدخل إلى البلد قد تطلعت نفوس أهله إليك، ثم تريد منهم السكوت، فقال: ما نعرف في كفهم سواك، وكان أهل بغداد قد تلقوه مرة بالكلام السفيه، فما أحب أن تدعو له [٤] تلك الألسنة. قال: فدعوت أصحاب المعونة وقلت: قد أمر الملك بكذا وتوعد ما يجري من ضده بضرب العنق، فأشاعوا في العوام ذلك، وخوفوا من ينطق بالقتل، فاجتاز عضد الدولة، فرأي الأمر على ما أراد، فعجب من طاعة العوام لمحمد بن عمر، فقال: هؤلاء أضعاف جندنا، وقد أطاعوه، فلو أراد بنا سوءا كان، ورأى في روزنامج [٥]


[١] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٢] في ص، ل: «وجاري مجاري» .
[٣] في الأصل: «على من تقدمه» .
[٤] «له» سقطت من ص، ل.
[٥] في الأصل: «رورهمانج» .

<<  <  ج: ص:  >  >>