للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وما ذاك الذي قد حدث؟ قَالَ: رأى ابنة فلان المرزبان فعشقها حَتَّى غلبت عَلَيْهِ، وهو لا يهذي إلا بها، ولا يتشاغل إلا بذكرها فَقَالَ بهرام: الآن رجوت فلانة، ثم دعا بأبي الجارية فَقَالَ: إني مسر إليك سرا فلا يعدونك، فضمن له سره [١] فأعلمه أن ابنه قد عشق ابنته، وأنه يريد أن ينكحها إياه، وأمره أن يأمرها بإطماعه فِي نفسها ومراسلته من غير أن يراها وتقع عيناه عليها، فإذا استحكم طمعه فيها تجنت عَلَيْهِ وهجرته، فإن استعتبها أعلمته أنها لا تصلح إلا لملك، ومن همته همة الملوك [٢] ، وأنه يمنعها من مواصلته أنه لا يصلح للملك، ثم ليعلمه خبرها وخبره. ولا يطلعها عَلَى ما أسر إليه.

فقبل أبوها ذلك منه.

ثم قَالَ للمؤدب الموكل بتأديبه: خوفه بي، وشجعه عَلَى مراسلة المرأة. ففعل ذلك، وفعلت المرأة ما أمرها به أبوها، فلما انتهت إِلَى التجني عَلَيْهِ، وعلم الفتى السبب الذي كرهته لأجله [٣] ، أخذ فِي الأدب، وطلب الحكمة والعلم والفروسية والرماية، وضرب الصوالجة حَتَّى مهر فِي ذلك، ثم رفع [٤] إِلَى أبيه أنه يحتاج من الدواب والآلات والمطاعم [٥] والملابس والندماء إلى فوق ما يقدر.

فسر الملك بذلك [وأمر له به] [٦] فدعا مؤدبه فَقَالَ: إن الموضع الّذي وضع به ابني نفسه من حب هَذِهِ المرأة لا يزرى به، فتقدم إليه أن يرفع إلي أمرها، ويسألني أن أزوجه إياها. ففعل، فرفع الفتى ذلك إِلَى أبيه، فدعا بأبيها فزوجها إياه، وأمر بتعجيلها، وَقَالَ: إذا اجتمعت أنت [٧] وهي فلا تحدث شيئا حَتَّى أصير إليك. فلما اجتمعا صار إليه فَقَالَ: يا بني، لا يضعن منها عندك مراسلتها إياك، وليست فِي حبالك، فإني أنا أمرتها بذلك، وهي أعظم الناس منة عليك بما دعتك إليه من طلب الحكمة والتخلّق بأخلاق


[١] في ت: «فضمن له ستره» .
[٢] في ت: «من همته همة ملك» .
[٣] «لأجله» سقطت من ت.
[٤] في ت: «ورفع» .
[٥] «والمطاعم» سقطت من ت.
[٦] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[٧] «أنت» سقطت من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>