للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكما الحاج وأموالهم ذلك يزيد على ألف ألف دينار، فشكروه وانصرفوا [من عنده] [١] ووفى للحاج بذلك وحجوا ولما قرءا بعرفات على جبل الرحمة، قال أهل مكة وأهل مصر والشام: ما سمعنا عنكم يا أهل بغداد تبذيرا مثل هذا يكون عندكم مثل هذين الشخصين فتستصحبوا بهما معا، فإن هلكا فبأي شيء تتجملون، كان ينبغي أن تستصحبوا كل سنة واحدا/ ولما حجوا عول الأمير على ترك زيارة المدينة، واعتذر بقعود الأعراب في طريقه وما يلزمه من الخفارات عند تعويقه، فتقدما الحاج ووقفا عند الجبل [٢] الذي عند يسار الراجع من مكة، ويرى من بعيد كأنه عنق طائر ومنه يعدل القاصد من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ويسير في سبخة من ورائها صفينة فقرءا مَا كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمن حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ٩: ١٢٠ [٣] فعند ذلك ضج الناس بالبكاء ولوت الجمال أعناقها نحوهما، وقصد بهم الأمير المدينة، ولما ورد أبو الحسين بن بويه، بغداد أخد هذين القارئين ومعهما أبو عبد الله بن البهلول، وكان قارئا محسنا فرتبهم لصلاة التراويح به وهم أحداث، وكانوا يتناوبون الصلاة ويأتم بهم ورغب لأجلهم في صلاة التراويح.

وكان أبو الحسين بن الرفاء تلميذ أبي الحسن [٤] بن الخشاب، وكان ابن الخشاب مليح الصوت حسن التلاوة وإنه [قرأ] [٥] في جامع الرصافة في بعض الليالي الأحياء أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله ٥٧: ١٦ [٦] فتواجد صوفي، وقال: بلى قد أن، ثم جلس وبكى طويلا ثم سكت سكتة طالت [٧] فحرك فإذا به ميت، وكان ابن الخشاب تلميذ أبي بكر بن الآدمي، الموصوف بطيب التلاوة.

وجرى مثل هذا لأبى عبد الله ابن البهلول، قال: فأنبأنا أحمد بن علي ابن


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٢] في ص، ل: «ووقفا عند الميل» .
[٣] سورة: التوبة، الآية: ١٢٠.
[٤] في ص: «تلميذ أبي الحسين» .
[٥] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٦] سورة: الحديد، الآية: ١٦.
[٧] «طالت» ساقطة من ل.

<<  <  ج: ص:  >  >>