للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كم مقامي على الهون وعندي ... مقول قاطع وأنف حمي

وإباء محلق بي عن الضيم ... كما راع طائر وحشي

أي عذر له إلى المجد إن ذل ... غلام في غمده المشرفي

البس الذل في ديار الأعادي ... وبمصر الخليفة العلوي

من أبوه أبي ومولاه مولاي ... إذا ضامني البعيد القصي

لف عرقي بعرقه سيد الناس ... جميعا محمد وعلي

إن خوفي في ذلك الربع أمن ... وأوامي بذلك الورد ري

قد يذل العزيز ما لم يشمر ... لانطلاق وقد يضام الأبي

كالذي يقبس الظلام وقد أقمر ... من خلفه الهلال المضي

ولما كتب أصحاب الأخبار بهذه إلى القادر، غاظه أمرها، واستدعى القاضي أبا بكر محمد بن الطيب، وأنفذه إلى الشريف الطاهر أبي أحمد برسالة في هذا المعني، فقال القاضي أبو بكر في الرسالة: «قد علمت موضعك منا ومنزلتك عندنا وما لا نزال من الاعتداد بك، والثقة بصدق الموالاة منك، وما تقدم لك في الدولة العباسية من خدم سابقة ومواقف محمودة، وليس يجوز أن تكون على خليقة نرضاها ويكون والدك على ما يضادها، وقد بلغنا أنه قال شعرا هو كذا فيا ليت شعرنا [على] [١] أي مقام ذل أقام، وما الذي دعاه إلى هذا المقال، وهو ناظر في النقابة والحج فيما في أجل الأعمال وأقصاها علوا في المنزلة، وعساه لو كان بمصر [٢] لما خرج من جملة الرعية، وما رأينا على بلوغ الامتعاض منا مبلغه أن تخرج بهذا الولد عن شكواه إليك وإصلاحه على يديك» .

فقال الشريف الطاهر: «والله ما عرفت هذا ولا أنا وأولادي إلا خدم الحضرة المقدسة المعترفون بالحق لها والنعمة منها، وكان في حكم التفضل أن يهذب هذا الولد بإنفاذ من يحمله إلى الدار العزيزة، ثم يتقدم في تأديبه بما يفعل، بأهل الغرة والحداثة» .


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٢] في الأصل: «وحسنا لو كان بمصر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>