للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصرك لتكون ذخيرة لك، فقبلت الأرض وبكت، وقالت له: إذا كنت تتصور هذا فارحمني ودع ركوبك في هذه الليلة، فقال: أفعل وكان من رسمه أن يطوف كل ليلة حول القصر من أول الليل إلى الصباح في ألف رجل، فقعد تلك الليلة إلى أن مضى صدر/ من الليل [١] ، ثم ضجر وأحب الركوب فترفقت به والدته وقالت: اطلب النوم يا مولانا، فنام ثم انتبه [وقد] [٢] بقي من الليل ثلثه، قال: إن لم أركب وأتفرج خرجت روحي.

فركب وصعد إلى الجبل وليس معه إلا الصبي، فخرج العبدان فطرحاه إلى الأرض وقطعا يديه وشقا جوفه ولفاه في كساء وحملاه إلى ابن دواس بعد أن قتلا الصبي، فحمله ابن دواس إلى أخته فدفنته في مجلسها وكتمت أمره وأحضرت الوزير وعرفته الحال واستكتمته واستحلفته على الطاعة، ورسمت له مكاتبة ولي العهد عن الحاكم، وكان بدمشق بالمبادرة، وأنفذت إلى أحد القواد يقيم في الطريق، فإذا وصل ولي العهد قبض عليه وعدل به إلى تنيس، وكتبت إلى عامل تنيس عن الحاكم بأن يحمل ما [قد] [٣] اجتمع عنده، وكان ألف ألف دينار وألفي ألف درهم.

وفقد الناس الحاكم فماجوا في اليوم الثالث وقصدوا الجبل، فلم يقفوا على أثر، فعادوا إلى أخته فسألوها عنه، فقالت: قد كان راسلني قبل ركوبه وأعلمني أنه يغيب سبعة أيام. فانصرفوا على طمأنينة ورتبت ركابيه يمضون ويعودن كأنهم يقصدون موضعا ويقولون لكل من يسألهم فارقناه في الموضع الفلاني وهو عائد يوم كذا، ولم تزل الأخت تدعو في هذه الأيام وجوه القواد وتستحلفهم وتعطيهم، وألبست أبا الحسن علي ابن الحاكم أفخر الملابس، واستدعت ابن دواس وقالت له: المعول في القيام بهذه الدولة [٤] عليك، وتدبيرها موكول إليك، وهذا الصبي ولدك فينبغي أن تنتهي في الخدمة إلى غاية وسعك، فقبل الأرض ووعد بالإخلاص في الطاعة، وأخرجت الصبي وقد


[١] «إلى أن مضى صدر من الليل» : العبارة ساقطة من ص.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٤] في ص، ل: «المعول في قيام هذه الدولة عليك» .

<<  <  ج: ص:  >  >>