وفتح محمود قلعة سومنات وهدم البيت الذي يحجونه وفيه أصنام من الذهب والفضة مرصعة بالجواهر وقيمة ذلك تزيد على عشرين ألف ألف دينار وكانوا يحملون إلى الصنم ماء من نهر بينه وبينه مائتا فرسخ. ورتبوا ألفا من البراهمة يواظبون على خدمته ويحلقون رءوس زواره ولحاهم وأجروا على ثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة كانوا يغنون للزوار فحاربهم محمود وقتل خمسين ألفا وغنم الأموال، وقبض على أبي طالب رستم بن فخر الدولة أبي الحسن وكتب إلى القادر باللَّه بأنه وجد لأبي طالب زيادة على خمسين امرأة حرة على ما سبق ذكره وخطب لمحمود في الأطراف وعقد على جيحون جسرا ولم يقدر على ذلك أحد قبله وأنفق في سفرته ألفى ألف دينار ولم يحظ بطائل فأتهم وزيره وقال أغرمتني هذا المال فأخذ منه خمسة آلاف ألف دينار واعتقله، وكان قد عبر في غزوة إلى ما وراء النهر فضمن له أهل سمرقند ألف غلام حتى كف عنهم وكان معه أربعمائة فيل تقاتل، وحمل إليه وهو بغزنة شخصان من النسناس الذين يكونون في بادية نحو الترك، / وهم على صور الناس في جميع أعضائهم إلا أن ابدانهم ملبسة بالشعر لا يكاد يبين منه [١] ، ولهم كلام كصفير الوحش، فقدم لهذين المحمولين خبز وثريد ولحم، فلم يأكلا، وحملا إلى موضع الفيلة فما خافا وأكلا من الحشيش الذي يأكلونه. كما يأكل الحمار وتغوطا كما تفعل البهائم وأتراك بلادهم يأكلونهم ويذكرون أنهم أطيب اللحوم لحما، ومرض محمود وكانت علته سوء المزاج وانطلاق البطن وهو على غزواته ونهضاته لا يثنى، فلما اشتد به الأمر أمر بالجواهر التي اقتناها من ملوك خراسان وما وراء النهر وعظماء الترك والهند، فصفت في صحن فسيح في قصره وكان قد جمع سبعين رطلا من الجوهر، فلما نظر إليها بكى بكاء متحسر على ما يخلفه، ثم أمر بردها إلى مكانها من القلعة بغزنة، وتوفي يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر من هذه السنة، وهو ابن ثلاث وستين سنة، ملك منها ثلاث وثلاثين سنة، ومات وهو مستند في دسته لم يضع جنبه إلى الأرض، وكان ظاهر أمره التدين والتسنن، وولى ابنه مسعود مكانه.