كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم

ثم دخلت سنة تسع وعشرين وأربعمائة - الزيادة في ألقاب جلال الدولة - ج: 15 - ص: 265

فوق بعض لتفاضلهم في القوة والإمكان وجائز أن يكون بعضهم أعظم من بعض، وليس في ما يوجب التكبر ولا المماثلة بين الخالق والمخلوقين.

وكتب أبو الطيب الطبري أن إطلاق ملك الملوك [١] جائز ويكون معناه ملك ملوك الأرض فإذا جاز أن يقال كافي الكفاة وقاضي القضاة جاز ملك الملوك فإذا كان في اللفظ ما يدل على أن المراد به ملوك الأرض زالت الشبهة، وفيه قولهم: اللَّهمّ أصلح الملك فينصرف الكلام إلى المخلوقين.

وكتب التميمي نحو ذلك، وقد حكي عن قاضي القضاة أبي الحسن الماوردي أنه كتب قريبا من ذلك، وذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني المؤرخ أن الماوردي منع من جواز ذلك، وكان مختصا بخدمة جلال الدولة، فلما امتنع عن الكتابة انقطع عن خدمته، واستدعاه جلال الدولة بكرة يوم العيد، فمضى على وجل شديد يتوقع المكروه، فلما دخل على الملك قال له: أنا أتحقق أنك لو حابيت أحدا لحابيتني لما بيني وبينك مع كونك أكثر الفقهاء مالا وأوفاهم جاها وحالا [٢] وما حملك على مخالفتي إلا الدين، وقد قربك ذلك مني وزاد محلك في قلبي، وقدمتك على نظائرك عندي.

قال/ المصنف: الذي ذكره الأكثرون في جواز أن يقال ملك الملوك هو القياس إذا قصد به ملوك الدنيا إلا أني لا أرى إلا ما رآه الماوردي، لأنه قد صح في الحديث ما يدل على المنع، ولكن الفقهاء المتأخرين عن النقل بمعزل.

خبرنا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ الْقَطِيعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَليْه وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَخْنَعُ اسْمٍ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ تَسَمَّى بِمَلِكِ الأَمْلاكِ» . قال أحمد: سألت أبا عمر والشيبانيّ عَنْ أَخْنَعَ، فَقَالَ: أَوْضَعُ.

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ كِلاهُمَا، عن سفيان، وقال سفيان: هو [٣] مثل شاهنشاه.

---

[١] في ص: «اطلاق ملك الملوك» .
[٢] في الأصل: «جاها ومالا» .
[٣] انظر الحديث في: (صحيح البخاري ٨/ ٥٦، والسنن الكبرى ٩/ ٣٠٧، وسنن الترمذي ٢٨٣٧، ومسند أحمد بن حنبل ٢/ ٢٤٤.