للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما] [١] كان بدارة جلجل، فهو الذي يقول فيه هَذَا:

ألا رب يوم لك منهن صالح [٢] ... ولا سيما يوم بدارة جلجل

/ وذلك أنه رأى نسوة يتمايلن فِي غدير، فيهن عنيزة، فأخذ ثيابهن، وأقسم لا يعطيهن حَتَّى يخرجن فيأخذنها، فخرجن متكشفات [٣] ، فبلغ ذلك أباه، فدعا مولى له فَقَالَ: اقتل امرأ القيس وائتني بعينيه. فذبح شاة وأتاه يعنييها، فندم حجر عَلَى ذلك فَقَالَ: أبيت اللعن، إني لم أقتله. قَالَ: فأتني به. فانطلق فرده إليه فنهاه عَنْ قول الشعر، ثم بلغه أَنَّهُ قَالَ:

ألا أنعم صباحا أيها الطلل البالي.

وطرده، فبلغه قتل أبيه فَقَالَ: ضيعني صغيرا وحملني دمه كبيرا، ثم إِلَى أن لا يأكل لحما ولا يشرب خمرا حَتَّى يأخذ بثأر أبيه.

وخرج إِلَى قيصر فطلب النصر، فعشقته بنت الملك، فكان يأتيها، وفطن بذلك الطماح بْن [٤] قيس الأسدي، وكان حجر قتل أباه فوشى به إِلَى قيصر، فهرب امرؤ القيس، فبعث قيصر فِي طلبه، فأدركه دون أنقرة [٥] بيوم، ومعه حلة مسمومة، فلبسها فِي يوم صائف، فتناثر لحمه، وتقطر جلده، فَقَالَ حين حضرته الوفاة:

وطعنة مسحنفره ... وجفنة مثعنجرة،

تبقى غدا بأنقرة

[٦] .

وهو آخر شَيْء تكلم به.

وكان امرؤ القيس قد ماتت أمه فِي صغره فأرضعه أهله بلبن كلبة، فكان إذا عرق فاح منه ريح الكلب، وكان النساء يبغضنه.


[١] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل.
[٢] في الأصل «صالح لك منهما» والتصحيح من «ت» .
[٣] في الأصل: «مكسفات» .
[٤] في الأصل: «الطرماح» .
[٥] في الأصل: «افقدة» .
[٦] في الكامل ١/ ٤٠٥: «رب خطبة مسحنفره، وطعنة مثعنجره، وجفنة مستجير، حلت بأرض أنقره» .

<<  <  ج: ص:  >  >>