للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الصمد، وهم أئمة [١] المساجد والزهاد، واستعبد القصاص والوعاظ، وأكرم بني هاشم الأشراف بالعطاء الجزيل، ثم عطف على الشحن والعمداء والعرب والتركمان فأرغبهم [٢] باللطائف والهدايا، فصار في الحشمة والمحبة الذي لا يناله أحد، فاحتاج إلى جاهه الخلفاء والملوك، وما كان يسمع منه كلمة تدل على فعل فعله، ولا إنعام أسداه، ولا منة على أحد، وصمد لحوائج الناس، وكان يعظم من يقصده في حاجة أكثر من تعظيمه من يقصده في غير حاجة.

وتولى ابن يوسف المارستان وهو لا يوجد فيه دواء ولا طبيب، والمرضى ينامون على بواري النقض، فطبقه بخمسة وعشرين ألف طابق، ورتب فيه ثمانية وعشرين طبيبا، وثلاثة خزان [٣] ، وابتاع له أملاكا نفيسة وكان مقدما عند السلاطين.

ولقد ماتت ابنته وكانت زوجه أبي عبد الله بن جردة، فتبعها الأكابر والقضاة، ومشوا بعض الطريق، وجاءت صلف القهرمانة بطعام وشراب من عند الخليفة.

وتوفي ابن يوسف في داره بباب المراتب يوم الثلاثاء، ودفن يوم الأربعاء لأربع عشرة من محرم هذه السنة بقبر أحمد، / وأبيه وجده لأمه أبي الحسين بن ٥٦/ أالسوسنجردي [٤] ، وغسله القاضي أبو الحسين بن المهتدي، وصلى عليه ابنه أبو محمد الحسن داخل المقصورة، وتبعه مائة ألف رجل سوى النساء، وعطلت أسواق بغداد.

قَالَ محمد بن الفضل الهمذاني: حدثني رجل من أهل النهروان أن ابن يوسف كان يعطيه كل سنة عشرة دنانير، فأتى بعد وفاته إلى ابن رضوان فأذكره بها، فأعرض عنه، فألح عليه، فقال له: اطلب من الّذي [٥] كان يعطيك. فمضى إلى قبر ابن يوسف، وجلس عنده يترحم عليه ويقرأ القرآن، فوجد عنده قرطاسا فيه عشرة دنانير فأخذه، وجاء إلى ابن رضوان فعرفه الحال، فتعجب وتفكر، فذكر أنه زار القبر وفي صحبته كواغد فيها


[١] في المطبوعة: «أصحاب» .
[٢] في ص: «فقعدعهم» .
[٣] في الأصل: «خوان» .
[٤] في الأصل: «الوسنجري» .
[٥] في ص: «ممن كان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>