للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له: إذا كنت قد مننت على فعجل تسريحي قبل أن تنصب الروم ملكا غيري، ولا يمكنني أن أقرب منهم، ولا أفي بشيء مما بذلته.

فقال السلطان: أريد أن تعيد أنطاكية، والرها، ومنبج، فإنها أخذت من المسلمين عن قرب، وتطلق أسارى المسلمين. فقال: / إذا رجعت إلى ملكي سوف ٦٣/ أأريك ما أفعل [١] فأنفذ إلى كل موضع منها عسكرا وحاصره، لا توصل إلى تسليمها [٢] ، فأما أن ابتدئ بذلك فلا يقبل مني، وأما الأسارى فأنا أسرحهم وأفعل الجميل معهم.

فتقدم السلطان يفك قيده وغله، ثم قَالَ: أعطوه قدحا ليسقينيه، فأعطى فظن أنه له فأراد أن يشربه فمنع منه، وأمر أن يخدم السلطان، ويتقدم إليه ويناوله إياه، وأومأ إلى الأرض إيماء قليلا على عادة الروم، وتقدم إليه فأخذ السلطان القدح، وجز شعره، فجعل وجهه على الأرض وقال: إذا خدمت الملوك فافعل هكذا.

وكان لذلك سبب اقتضاه وهو أن السلطان قَالَ بالري: ها أنا أمضي إلى قتال ملك الروم وآخذه أسيرا، وأقيمه على رأسي ساقيا.

وانصرف ملك الروم إلى خيمته، فاقترض عشرة آلاف دينار فأصلح منها شأنه، وفرق في الحواشي والأتباع والموكلين به، واشترى جماعة من بطارقته واستوهب آخرين. فلما كان من الغد أحضره وقد ضرب له سريره وكرسيه اللذان أخذا منه، فأجلسه عليهما،. وخلع قباءه وقلنسوته فألبسه إياهما وقال له: إني [٣] قد اصطنعتك وقنعت بقولك، وأنا أسيرك إلى بلادك، وأردك إلى ملكك.

فقبل الأرض، وقال له: أليس ينفذ إليك خليفة الله [تعالى] [٤] في أرضه رسولا يحملك به ويقصد إصلاح أمرك؟ فتأمر بأن يكشف رأسه ويشد وسطه ويقبل الأرض بين يديك، وكان بلغه أنه فعل هذا بابن المحلبان فقال ما فعلت؟ فقال: أليس الأمر على ما


[١] «سوف أريك ما أفعل» سقطت من ص، ت.
[٢] في الأصل: «لا توصل إلى ساحتها» .
[٣] «إني» سقطت من ص.
[٤] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>