للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الخالق. ففعل ولم يأخذ [مما هناك] [١] شيئا فقيل له: قد وصى لك أمير المؤمنين بأشياء كثيرة. فأبى أن يأخذ. فقيل له: فقميص أمير المؤمنين تتبرك به. فأخذ فوطة نفسه فنشفه بها، وقال: قد لحق هذه الفوطة بركة أمير المؤمنين.

ثم استدعاه في مكانه المقتدى فبايعه منفردا، فلما وصل إلى بغداد أبو نصر بن القشيري ظهرت الفتن، فكان هو شديدا على المبتدعة وقمعهم، وحبس فضج الناس من حبسه، وإنما حبس قطعا للفتن في دار والناس يدخلون عليه، وقيل له: نكون قريبا ٩٧/ ب منك نراجعك في أشياء، فلما اشتد مرضه/ تحامل بين إثنين، ومضى إلى باب الحجرة وقال: قد جاء الموت، ودنا الوقت، وما أحب أن أموت إلا في بيتي بين أهلي: فأذن له، فمضى إلى بيت أخته بالحريم الظاهري.

وقرأت بخط أبي على بن البناء، قَالَ: جاءت رقعة بخط الشريف أبي جعفر ووصيته إلى الشيخ أبي عبد الله بن جردة فكتبتها وهذه نسختها: ما لي يشهد الله سوى الدلو والحبل أو شيء يخفي على لا قدر له، والشيخ أبو عبد الله، لئن راعاكم بعدي وإلا فاللَّه لكم، قَالَ الله عز وجل: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا الله ٤: ٩ [٢] ومذهبي الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وما عليه مالك [وأحمد] [٣] والشافعي، وغيرهم ممن يكثر ذكرهم، والصلاة بجامع المنصور إن سهل ذلك عليهم، ولا يقعد لي عزاء، ولا يشق على جيب، ولا يلطم خد، فمن فعل ذلك فاللَّه حسيبه.

فتوفي ليلة الخميس للنصف من صفر، وتولى غسله أبو سعيد [٤] البرداني وابن الفتى، لأنه أوصى إليه بذلك، وكانا قد خدماه طول مرضه، وصلى عليه يوم الجمعة بجامع المنصور فازدحم الناس، وكان يوما مشهودا لم ير مثله، وكانت العوام تقول:

ترحموا على الشريف الشهيد القتيل المسموم، لأنه قيل إن بعض المبتدعة ألقى سما في مداسه. ودفن إلى جانب قبر أحمد بن حنبل، وكان الناس يبيتون هناك كل ليلة أربعاء


[١] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٢] سورة: النساء، الآية: ٩.
[٣] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٤] في الأصل: «أبو سعد»

<<  <  ج: ص:  >  >>