للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقلت من خط أبى الوفاء بن عقيل قَالَ: قدم أبو المعالي الجويني بغداد أول ما دخل الغز، وتكلم في أبي إسحاق، وأبي نصر بن الصباغ، وسمعت كلامه قَالَ: وذكر الجويني في بعض كتبه ما خالف به إجماع الأمة، فقال: إن الله تعالى يعلم المعلومات ١١٩/ أمن طريق الجملة لا من طريق التفصيل. قَالَ: وذكر لي الحاكي عنه وهو من الفضلاء: من مذهبه أنه ذكر على ذلك شبهات سماها حججا برهانية. قَالَ ابن عقيل:

فقلت له: يا هذا، تخالف نص الكتاب، قَالَ الله تعالى: وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ ٦: ٥٩ [١] وقال:

يَعْلَمُ ما في أَنْفُسِكُمْ ٢: ٢٣٥ [٢] وَيَعْلَمُ ما في الْأَرْحامِ ٣١: ٣٤ [٣] ويَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى ٢٠: ٧ [٤] وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢: ٢٩ [٥] ثم انتقل إلى بيان علم ما لم يكن أن لو كان كيف كان يكون فقال لَوْ رُدُّوا لَعادُوا ٦: ٢٨ [٦] وهذا من جهة السمع، فأما من جهة العقل فإنه خلق جميع الأشياء الكليات والجزئيات، وهذا غاية الدليل على الإحاطة بتفاصيل أحوالها، ومعلوم أن دقائق حكمته المدفونة في النحل وهو ذباب من سمع وبصر [وتهد] [٧] إلى دقائق الإتقان في عمل البيوت والادخار للأقوات ما يبطل هذا، ولو صح ما قَالَ كانت الجزئيات في حيز الإهمال، ومن نفي عن نفسه الجهل وأثبت لها العلم كيف يقال فيه هذا. وقد عجبت من تهجمه بمثل هذا، وهذه المقالة غاية الضلالة، هذا كله كلام ابن عقيل.

وحكى هبة الله بن المبارك السقطي قَالَ: قَالَ لي محمد بن الخليل البوشنجي:

حدثني محمد بن علي الهريري وكان تلميذ أبي المعالي الجويني قَالَ: دخلت عليه في مرضه الذي مات فيه وأسنانه تتناثر من فيه ويسقط منه الدود لا يستطاع شم فيه [٨] ، فقال:

هذا عقوبة تعرضي بالكلام فاحذره.


[١] سورة: الأنعام، الآية: ٥٩.
[٢] سورة: البقرة، الآية: ٢٣٥.
[٣] سورة: لقمان، الآية: ٣٤.
[٤] سورة: طه، الآية: ٧.
[٥] سورة: البقرة، الآية: ٢٩.
[٦] سورة: الأنعام، الآية: ٢٨.
[٧] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٨] في الأصل: «فمه»

<<  <  ج: ص:  >  >>