آيتكين خال السلطان، فلما حضر استقبل القبلة، وصلي بإزاء الخليفة ركعتين، واستلم الحيطان، ومسح بيده وجسمه، وعاد السلطان وعلية الخلع والتاج والطوقان، وكمشتكين الجامدار يرفع ذيله عن يمينه، وسعد الدولة يرفعه عن شماله، فمثل بين يدي السدة وقبَّل الأرض دفعات، فقلده سيفين فقال الوزير أبو شجاع: يا جلال الدولة، هذا سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الذي اصطفاه الله بعز الإمامة، واسترعاه الأمة، فقد أوقع الوديعة عندك موقعها، وقلدك سيفين لتكون قويا علي أعداء الله. فسأل تقبيل يد الخليفة فلم يجبه، فسأل تقبيل خاتمه فأعطاه إياه فقبله ووضعه علي عينه، وحضر الناس بأجمعهم فشاهدوا الخليفة والسلطان، ثم انكفأ وحمل بين يديه ثلاثة ألوية، وثلاث أفراس في السفن، وأربعة علي الطريق، واستقبل من داره بالدبادب والرايات، ونثرت الدراهم والدنانير، وأنفذ إليه الخليفة سريرا مذهبا ومخادًا.
وفي يوم الاثنين ثاني عشر محرم: جاء نظام الملك إلى دار ابنة مؤيد الملك، فبات بها وجاء من الغد إلى المدرسة، ولم يكن رآها نهارا، وجلس بها وقرئ عليه فيها الحديث، وأملى أيضا الحديث، وبات بدار ولده، وعاد إلى الزاهر من الغد.
١٣٠/ أوأنفذ السلطان في ثامن عشر المحرم إلى الخليفة صندوقين/ فيهما مال وعمل للأمراء سماطا، ثم اجتاز السلطان في الحريم ولم يكن رآه، وخرج إلى الحلبة، ثم عاد بعد أيام فجاز فيه، فنثرت عليه الدراهم والدنانير وأثواب الديباج وغلق البلد لذلك، ثم عبر في هذا اليوم إلى الجانب الغربي، فدخل العطارين والقطيعتين، ومضي إلى الشونيزي والتوثة، ونزل دجلة.
قَالَ المصنف: وقرأت بخط ابن عقيل قَالَ: دخل نظام الملك بغداد أواخر سنة ثمانين، فلم يدرك رجلا يومئ إليه من أهل العلم.
وفي يوم الأحد خامس عشرين محرم: أمر الناس بتعليق وتزيين البلد لأجل زفاف خاتون بنت ملك شاه إلى المقتدي، وكان الزفاف في مستهل صفر، ونقل الجهاز على مائة وثلاثين جملا، وبين يديه البوقات والطبول والخدم في نحو ثلاثة آلاف فارس، ونثر عليه بغداد، ثم نقل بعد ذلك شيء آخر على أربعة وسبعين بغلا، وكان على ستة منها