للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برجله وجعل يكرر الضرب في مقاتله والوزير يستعطفه، ويقول له: أنا شيخ، فلم يقلع عنه وبرك على صدره وجعل يكبر، ويقول بأعلى صوته: الله اكبر أنا مسلم أنا موحد، هذا وأصحاب الوزير يضربونه على رأسه وظهره بسيوفهم ويرشقونه بسهامهم، وذلك كله لا يؤلمه، وسقط حين استرخت قوته فوجدوه لم يسقط حتى ذبحه كما يذبح الغنم، وقتل مع الوزير رجلان من أصحابه، وحملت جثة الوزير على بارية أخذت من الطريق إلى دار أخيه النصير، وحز رأس الذي تولى قتله، وقتل الأربعة الذين تولوا قتله وحز رأس القاتل خاصة. فحمل إلى المعسكر وجيء بالضارب الأول فقتل في المكان وألقيت رممهم بدجلة، وكانت زوجة هذا الوزير قد خرجت في بكرة اليوم الذي قتل فيه راكبة بغلة تساوي ثلاثمائة دينار بمركب لا يعرف قيمته وبين يديها خمس عشرة جنيبة بالمراكب الثقال المذهبة، ومعها نحو مائة جارية مزينات بالجواهر والذهب وتحتهن الهماليج بمراكب الذهب والفضة وبين أيديهم الخدم والغلمان والنفاطون بالشموع والمشاعل، فلما استقرت بالخيم المملوءة بالفرش والأموال والحمال جاءها خبر قتل زوجها، فرجعت مع جواريها وهن حواسر حواف، فأشبه الأمر قول أبي العتاهية.

رحن في الوشي وأصبحت ... عليهن المسوح

/ ولقول أبي العتاهية هذا قصة، وهو أن الخيزران قدمت على المهدي وهو بماسبذان في مائة قبة ملبسة وشيا وديباجا فمات فعادت إلى بغداد وعلى القباب المسوح السود مغشاة بها، فقال أبو العتاهية:

رحن فِي الوشي وأصبحن ... عليهن المسوح

كل نطاح من الدهر ... له يوم نطوح

لتموتن ولو عمرت ... مَا عُمَر نوح

فعلى نفسك نح لا ... بد أن كنت تنوح

[١] وكان قتل السميرمي يوم الثلاثاء سلخ صفر، وكانت مدة وزارته ثلاث سنين وعشرة أشهر وعشرين يوما. [٢]


[١] في الأصل: «فعلى نفسك نح إن كنت لا بد تنوح» .
[٢] «وكانت مدة وزارته ... وعشرين يوما» : ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>