للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الديوان إلى ابن الرطبي فأحضر أبو الفرج قاضي باب الأزج، وأمر أن يجبى العقار لبناء السور، وابتدئ بأصحاب الدكاكين فقلق الناس لذلك فجمع من ذلك مال كثير ثم أعيد على الناس، فكثر الدعاء للخليفة وأنفق عليه من ماله، وكان قد كتب القاضي أبو العباس ابن الرطبي إلى المسترشد قصة يقول فيها: «الخادم أدام الله ظل المواقف المقدسة طالع بما يعتقد إن أداه أدى حق النعمة عليه، وإن كتمه كان مقصرا في تأديه ما يجب عليه وعالما أن الله يسأله عنه، فلو فرض في وقته قضاء شخص يقول له يا أحمد بن سلامة قد خدمت العلم منذ الصبى حتى انتهيت إلى سن الشيوخ، وطول العمر في خدمة العلم نعمة مقرونة بنعمة وخدمت إمام العصر خدمة زال عنها الارتياب عنده فيما تنهيه، وعرفت بحكم مخالطتك لأبناء الزمان أن الناصح قليل والمشفق نادر، [١] وهو أدام الله أيامه بنجوة عما تتحدث به الرعية لا تصل إليه حقائق الأحوال إلّا من جانب/ ٩٢/ أمخصوص، فما عذرك عند الله في كتمانك ولست ممن يراد وأمثالك إلا لقول حق وإيراد صدق لا لعمارة ولا لجمع مال، فلم يجد لنفسه جوابا يقوم عذره عنده فكيف عند الله تعالى، وهذا الوقت الذي قد تجدد فيه من يتوهم أنه على شيء في خدمه وإثارة مال من جباية يغرر بنفسه مع الله تعالى وبمجد مولانا وأولى الأوقات باستمالة القلوب وإذاعة الصدقات وأعمال الصالحات هذا الوقت وحق الله يا مولانا أن الّذي تتحدث به الناس فيما بينهم [٢] من أن أحدهم كان يعود من معيشته ويأوي إلى منزله فيدعو بالنصر والحفظ للدولة قد صاروا يجتمعون في المساجد والأماكن شاكين مما قد التمس منهم، ويقولون كنا نسمع أن في البلد الفلاني مصادرة فنعجب ونحن الآن في كنف الإمامة المعظمة نشاهد ونرى، والناس بين محسن الظن ومسيء، والمحسن يقول: ما يجوز أن يطلع أمير المؤمنين على ما يجري فيقر عليه، والمسيء الظن يقول: الفاعل لهذا أقل أن يقدم عليه إلا عن علم ورضا، وقد كاد كل ذي ولاء وشفقة يضل ويتبلد، وفي يومنا هذا حضر عند الخادم شيخ فقيه يعرف بإسماعيل الأرموي والخادم يذكر الدرس، فقال:

ليبك على الإسلام من كان باكيا


[١] في ص، ط: «الناصح قليل والشفق فأكثر» .
[٢] في ص، ط: «الّذي تتحدث به العوام» .

<<  <  ج: ص:  >  >>