للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعب، وجاء المطر عليهم طول ليلتهم وليس معهم خيمة ولا زاد ولا عليف، فوصلت جمال قد نفذت من بغداد إلى الخليفة عليها الزاد والثياب فأخذها دبيس ففرقها على عسكره، فاكتسوا وشبعوا وغنموا.

وبلغ الخبر إلى بغداد بمجيء دبيس فانزعج الناس ودخلوا تحت السلاح، والتجأ النساء والمشايخ إلى المساجد وأعلنوا بالدعاء والاستغاثة إلى الله تعالى، وتأدى الخبر إلى الخليفة وأرجف في عسكره بأن دبيسا قد دخل بغداد وملكها، فرحل مجدا إلى النهروان، فلم يشعر دبيس إلا برايات الخليفة قد طلعت، فلما رآها قبل الأرض في مكانه، وقال: أنا العبد المطرود ما أن يعفي عن العبد المذنب فلم يجبه أحد، فعاود القول والتضرع، فرق له الخليفة، وهم بالعفو عنه أو مصالحته [١] فصرفه الوزير ابن صدقة [٢] عن هذا الرأي، وبعث الخليفة نظر الخادم إلى بغداد/ بتطييب قلوب الناس ٩٧/ ب ونادى في البلد بخروج العسكر بطلب دبيس والإسراع مع الوزير أبي علي بن صدقة، ودخل الخليفة داره، وكانت غيبته خمسة وعشرين يوما، ومضى دبيس والملك إلى سنجر فاستجارا به هذا من أخيه، وهذا من أخيه، وهذا من أمير المؤمنين فأجارهما ولبسا عليه، فقالا:

قد طردنا الخليفة، وقال: هذه البلاد لي، فقبض سنجر على دبيس واعتقله في قلعة يتقرب بذلك إلى المسترشد، وخرج سعد الدولة برنقش الزكوي في تاسع رجب إلى السلطان، واجتمع به خاليا، وأكثر الشكوى من الخليفة، وحقق في نفسه أن الخليفة يطلب الملك، وأنه خرج من داره مرتين [٣] ، وكسر من قصده وان لم يدبر الأمر في حسم ذلك اتسع الخرق وصعب الأمر، وسيتضح لك حقيقة ذلك إذا أردت دخول بغداد والذي يحمله على ذلك وزيره أبو علي بن صدقة، وقد كاتب أمراء الأطراف وجميع العرب والأكراد فحصل في نفس السلطان من ذلك ما دعاه إلى دخول بغداد.

وفي هذه الأيام دخل أبو العباس ابن الرطبي يعلم الأمراء بدار الخليفة.


[١] في الأصل: «وهم بالعفو عنه ومصالحته» .
[٢] في الأصل: «فصرفه الوزير أبو علي» .
[٣] في ص، ط: «وأنه خرج من داره نوبتين» .

<<  <  ج: ص:  >  >>