للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رباط بهروز وتعرضوا للمتصوفة، وهرب أصحاب السلطان وقتل منهم عدة وافرة في الدروب والمضايق، وبقي الخليفة والوزير بالجانب الغربي حتى نقلت الحرم والرحل الذي كانوا أودعوه في الحريم الطاهري ودار العميد، ثم عبر الخليفة إلى داره يوم السبت سابع المحرم ومعه العساكر، وحفروا الخنادق ليلا عند أبواب الدروب والمسالك، ورتب على أبواب المحال من يحرسها من ورود أصحاب السلطان، فبقي القتال على هذا أياما، وجاء من عسكر السلطان خلق كثير فخرج إليهم الوزير والنقيب والعسكر، فغدر أبو الفتح ابن ورام في جماعة معه وانتقلوا إلى العسكر السلطاني، فلما كان يوم عاشوراء انقطع القتال وترددت الرسل ولان الأمر، وقال السلطان: أريد أن ١٠٤/ أتبعث لي من يحلفني، وأنفذ بعد ذلك وزيري ليستوثق لي، / فمال الخليفة إلى الصلح، فبعث قاضي القضاة الزينبي، وَإِسْمَاعِيل الصوفي ونيفا وثلاثين شاهدا من المعدلين، فاحتبسهم ستة أيام، فقال الناس: قد قبض عليهم، ويئس الناس من الصلاح، وحفرت الخنادق، وسدت العقود، وسلم كل قطر من بغداد إلى شحنة، وأجفل أهل الجانب الغربي خوفا لكونهم سبوا السلطان وشتموه، وكانوا يقولون: يا باطني لما لم تقدر على غزو الروم جئت تغزو الخليفة والمسلمين، ودخل برنقش الزكوي على السلطان فأغراه بالناس فنفر السلطان، وقال: أنت تريد أن أنهب المسلمين وأغير القبلة، ثم تقدم من وقته إلى الوزير، وقال: أحضر الجماعة، فاحضروا وقت المغرب فصلى قاضي القضاة بالسلطان المغرب وسلم عليه، فأذن له في الجلوس، وقرأ عليه مكتوب الخليفة فقام قائما وقبل الأرض وقال: سمعا وطاعة لأمير المؤمنين، ولم يخالف في شيء مما اقترح عليه وحلف، فعادوا بطيبة القلب وأصبح الناس مطمئنين، وفتحت العقود، وطمت الخنادق، ودخل أصحاب السلطان إلى البلد وهم [١] يقولون:

نحن منذ ثلاثة أيام ما أكلنا الخبز، ولو لم يقع الصلح متنا جوعا، وكان الخبز في معسكرهم كل منا بدانق ولم يوجد، وكانوا يسلقون الطعام في الماء ثم يأكلونه، وكان السعر في الحريم رخيصا، فما رئي سلطان قط حاصر بلدا فكان هو المحاصر إلا هذا، وظهر من السلطان حلم وافر عن العوام.


[١] «وهم» : ساقطة من ص، ط، والمطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>