للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين فضربوه بالسكاكين إلى أن قتلوه وقتلوا معه جماعة من أصحابه، منهم أبو عبد الله بن سكينة، وذلك في يوم الخميس سابع عشر ذي القعدة فركب العسكر وأحاط بالسرادق [١] ، وخرج القوم وقد فرغوا فقتلوا، وقيل إنهم احرقوا، وجلس السلطان [٢] ، للعزاء ووقع النحيب والبكاء، وكان ذلك على باب مراغة، وغطى بسندسه إلى أن دفن بمراغة.

ووصل الخبر إلى بغداد ليلة السبت سادس عشرين من الشهر فاحترس الراشد وقبض على جماعة من أهله وإخوته، فوقع البكاء والنحيب وأغلق البلد، وكشطت البواري التي على باب النوبي، ونقض بعض دكة حاجب الباب، وأحضر الناس طول الليلة للمبايعة، وبات أستاذ الدار ابن جهير وصاحب الديوان أبو الرضا وحاجب الباب ابن الحاجب في صحن السلام، وكان الانزعاج في الدار طول الليل، فلما أصبحوا وقع البكاء والنحيب في البلد، وخرج الرجال حفاة مخرقين الثياب والنساء منشرات الشعور يلطمن، وينظمن الأشعار [٣] التي من عادتهن قول مثلها في أحيان اللطم، وأشعار النساء البغداديات اللاتي ينظمنها في وقت اللطم طريفة المعنى [٤] ، وأن كانت على غير صواب اللفظ، وكان مما لطمن به أن قلن:

يا صاحب القضيب ونور الخاتم ... صار الحريم بعد قتلك مأتم

اهتزت الدنيا ومن عليها ... بعد النبي ومن ولي عليها

قد صاحت البومة على السرادق ... يا سيدي ذا كان في السوابق

ترى تراك العين في حريمك ... والطرحة السودا على كريمك

وقعد الناس للعزاء في الديوان ثلاثة أيام، وتولى ذلك ناصح الدولة/ ابن جهير/ ١٣٢/ أوأبو الرضا صاحب الديوان، وحاجب الباب ابن الصاحب.

فلما كان في اليوم الثالث تقدم إلى الناس أن يعبروا بباب المسنية ويلبسوا ثياب الهناء ويحضروا البيعة بباب الحجرة، فحضروا يوم الاثنين سابع عشرين ذي القعدة [٥] .


[١] في ص، ط: «واحتاط بالسرادق» .
[٢] في الأصل: «وقعد السلطان للعزاء» .
[٣] في الأصل: «ويتلفظن الأشعار» .
[٤] في ص، ط: «في وقت اللطم طريقة الغناء» .
[٥] في ص: «يوم الاثنين ثامن عشرين ذي القعدة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>