للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كان يوم الاثنين خامس ذي الحجة حضر الناس ببيت النوبة، وجلس الراشد وسلم إلى حاجب الباب إنهاء فأخذه ونهض قائما فقرأه، وكان فيه: «بسم الرحمن الرحيم لما أجل الله محل أنبيائه وجعله نائبا عنه في أرضه آمرا في سمائه وارتضاه خليفة على عباده وعاملا بالحق في بلاده تقدم بتصفح ما كان يجري على أيدي النواب في الأيام المسترشدية سقاها الله رحمة مستهلة السحاب وما عساه كان يتم من أفعالهم الذميمة فوقف من ذلك على سهم المطالبة بغير حق فاقتضى رأيه الشريف التقدم برفع المطالبة عنهم، وأبرز كل ما وجد وأوعز برده على أربابه [١] ليحظى الإمام الشهيد بزلفي ثوابه [٢] ، وليعلم الخاصة والعامة من رأي أمير المؤمنين إيثاره رضا الله سبحانه» .

وأخرج من باب الحجرة أكياس فيها حجج الناس ووثائقهم وما كتب عليهم وما أخذ منهم فأعيد على أربابه، وشهد الشهود على كل منهم أنه قد أبرأ أمير المؤمنين مما يستحقه في ذمته، وتقدموا إلى خازن المخزن بإخراج ما عنده من الوثائق، فانصرف الناس يدعون لأمير المؤمنين ويترحمون على الماضي، وكان المتولي لقراءة الكتب وتسليمها إلى أربابها كثير بن شماليق.

ثم حضر الناس يوم الخميس وجرت الحال كذلك، وحضر يومئذ القاضي ابن كردي قاضي بعقوبا فتظلم، وكانت له هناك وثائق وقال: ما ظلمني إلا ابن الهاروني، وان أمير المؤمنين لم يأخذ مني شيئا، فكتب صاحب الخبر بذلك، فخرج الإنهاء بعزله، وقال الراشد: هذا القاضي قد كذب وفسق فإن المسترشد كان يأمر ابن الهاروني.

فلما كان يوم الجمعة تاسع ذي الحجة صلى على المسترشد في بيت النوبة، ونودي في بغداد بالصلاة عليه، فحضر الناس فلم يسعهم المكان، وأم الناس الراشد، وخرج الناس في العيد على العادة وتكاثر البكاء على المسترشد عند رؤية [٣] الأعلام/ والموكب. ١٣٣/ أ


[١] فب ص: «كاما وجودوا وأعوز برده على أربابه» .
[٢] في الأصل: «الإمام الشهيد بلقيا توابه» .
[٣] في المطبوعة: «وتكاثر الناس على المسترشد» وما أوردناه. من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>