رأى ما في الجنة والنار ليكون يوم القيامة على سكون لا انزعاج فيه فلا يزعجه ما يرى لتقدم الرؤية، ولهذا المعنى قلبت العصا حية يوم التكليم لئلا ينزعج موسى عند إلقائها بين يدي فرعون.
وسمعته يقول: حزمة حزن خير من أعدال أعمال.
وأنشدنا:
كم حسرة لي في الحشا ... من ولد إذا نشا
وكم أردت رشده ... فما نشا كما أشا
وأنشدنا:
يحسدني قومي على صنعتي ... لأنني في صنعتي فارس
سهرت في ليلي واستنعسوا ... هل يستوي الساهر والناعس [١]
وكان يميل إلى التشيع ويدل بمحبة الأعاجم فلا يعظم بيت الخلافة كما ينبغي فسمعته يقول تتولانا وتغفل عنا، وأنشد:
فما تصنع بالسيف ... إذا لم تك قتالا
فغير حلية السيف ... وضعه لك خلخالا
ثم قال: تولى اليهود فيسبون نبيك يوم السبت ويجلسون عن يمينك يوم الأحد وصاح: اللَّهمّ هل/ بلغت فكانت هذه الأشياء تبلغ فتثبت في القلوب حتى انه منع من ٥٠/ أالوعظ فقدم السلطان مسعود فاستدعاه فجلس بجامع السلطان فحدثني ابن البغدادي الفقيه أنه لما جلس يومئذ حضر السلطان فقال له يا سلطان العالم محمد بن عبد الله أمرني أن أجلس ومحمد أبو عبد الله منعني أن أجلس يعني المقتفي وكان إذا نبغ واعظ سعى في قطع مجلسه.
ولما مال الناس إلى ابن العبادي قل زبونه فكان يبالغ في ذمه فقام بعض أذكياء بغداد في مجلس العبادي فأنشده:
للَّه قطب الدين من واعظ ... طب بأدواء الورى آس
مذ ظهرت حجته في الورى ... قام بها البرهان في الناس