للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوثقني ثم أخذ من كل واحد شيئا وأطلقه ثم قال لي أيش بيدك؟ فقلت ما معي شيء فانتهرني وقال اذهب. وأنا لا أريد [اليوم] [١] أذاه وأبغض رؤيته.

وكان آخر قد آذاه في ذلك الزمان وضربه فلما ولي الوزارة أحضره وأكرمه وولاه.

وكان يتحدث بنعم الله عليه ويذكر في منصبه شدة فقره القديم فيقول نزلت يوما إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به. وكان يكثر مجالسة العلماء والفقراء وكانت أمواله مبذولة لهم ٨٤/ أوللتدبير فكانت السنة تدور/ وعليه ديون.

وقال: ما وجبت علي زكاة قط وكان إذا استفاد شيئا قال أفادنيه فلان حتى أنه عرض له يوما حديث وهو: «من فاته حزبه بالليل فصلاه قبل الزوال كان كأنه صلاه بالليل» .

فقال: ما أدري ما معنى هذا فقلت له هذا ظاهر في اللغة والفقه أما اللغة: فإن العرب تقول: كنت الليلة إلى وقت الزوال، وأما الفقه: فإن أبا حنيفة يصحح الصوم بنية قبل الزوال فقد جعل ذلك الوقت في حكم الليل فأعجبه هذا القول وكان يقول بين الجمع الكثير ما كنت أعرف ما معنى هذا الحديث حتى عرفنيه فلان فكنت استحيي من الجماعة. وجعل لي مجلسا في داره كل جمعة يحضره ويطلق العوام في الحضور وكان بعض الفقراء يقرأ القرآن في داره فأعجبه فقال لزوجته إني أريد أن أزوجه ابنتي فغضبت الأم ومنعت من ذلك.

وكان يقرأ عنده الحديث في كل يوم بعد العصر فحضر فقيه مالكي فذكرت مسألة فخالف فيها ذلك الفقيه فاتفق الوزير وجميع العلماء على شيء وذلك الفقيه [٢] يخالف فبدر من الوزير أن قال له أحمار أنت أما ترى الكل يخالفونك وأنت مصر. فلما كان في اليوم الثاني قال الوزير للجماعة جرى مني بالأمس ما لا يليق بالأدب حتى قلت له تلك [الكلمة] [٣] فليقل لي كما قلت له فما أنا إلا كأحدكم، فضج المجلس [٤] بالبكاء وأخذ


[١] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٢] في ت، ص: «وذلك الرجل» .
[٣] في الأصل: «قلت له ذلك، فليقل» .
[٤] في ص، ت: «فعج الخلق» .

<<  <  ج: ص:  >  >>