وفي عاشر ذي الحجة: غسل الديوان ورتب وهيئ ورجمت الظنون وتحازر الناس من يكون وزيرا فلما كان يوم العيد تقدم إلى صاحب المخزن بالحضور في الديوان على وجه النيابة فحضر ورتب الموكب وانصرف.
وجاء قوم من أهل المدائن بعد العيد فشكوا من يهود بالمدائن وأنه كان لهم مسجد يصلى فيه الجماعة ويكثر فيه التأذين وهو إلى جانب كنيسة اليهود فقال بعض اليهود قد آذيتمونا بكثرة الآذان فقال المؤذن ما نبالي تأذيتم أم لا فتناوشوا وجرت بينهم خصومة استظهر فيها اليهود فجاء المسلمون يستنفرون ويستغيثون مما جرى عليهم من اليهود إلى صاحب المخزن فأمر بحبس بعضهم ثم أطلقهم فخرجوا يوم الجمعة إلى جامع الخليفة فاستغاثوا قبل الصلاة فخفف الخطيب الخطبة والصلاة فلما فرغ قاموا يستغيثون فخرج جماعة من الجند فضربوهم ومنعوهم من الاستغاثة فانهزموا فلما رأى ١١٦/ أالعوام ما فعل بهم غضبوا نصرة للإسلام/ واستغاثوا وتكلموا بالكلام السيّئ وقلعوا طوابيق الجامع وضربوا بها الجند فوقع الآجر على المنبر والشباك ثم خرجوا فنهبوا دكاكين المخلصين لأن أكثرهم يهود ووقف حاجب الباب بيده سيف مجذوب ليرد العوام وحمل عليهم نائبه فرجموه وانقلب البلد من ذلك وجاء قوم إلى الكنيسة التي بدار البساسيري فنهبوها ونقضوا شبابيكها وقطعوا التوراة وأخرجوها مقطعة الأوراق وما تجاسر يهودي يظهر وتقدم أمير المؤمنين بنقض الكنيسة التي بالمدائن وأمر أن تجعل مسجدا ونصب بالرحبة أخشاب ليصلب عليها أقوام من العيارين فظنها العوام لتفزيعهم [١] والتهويل عليهم لأجل ما فعلوا فعلقوا على الأخشاب في الليل جرذانا ميتة.
وأخرج يوم الاثنين سادس عشر ذي الحجة: جماعة كانت لهم مدة في الحبس ذكر أنهم كانوا لصوصا بواسط وأنهم قتلوا قوما هناك فصلبوا بالرحبة وكان فيهم شاب هاشمي.
وفي الجمعة المقبلة أقيم الجند بالسلاح يحفظون الجامع والرحبة خوفا مما جرى من العامة في الجمعة الماضية فلم يتكلم أحد وصار الجند في كل جمعة يراعون الجامع حذرا من مثل ذلك.