للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ لَهُ جَعْفَرٌ: نَعَمْ: قَالَ: فَاقْرَأْهُ عَلَيَّ فَقَرَأَ عَلَيْهِ صدرا من كهيعص ١٩: ١ فَبَكَى النَّجَاشِيُّ حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ، وَبَكَتْ أَسَاقِفَتُهُ حَتَّى اخْضَلُّوا مَصَاحِفَهُمْ. ثُمَّ قَالَ النَّجَاشِيُّ: إِنَّ هَذَا وَالَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى، لَيَخْرُجُ مِنْ مشكاة واحدة، انطلقا فو الله لا أسلمكم إليهما أبدا. قالت: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُ غَدًا أَعِيبُهُمْ عِنْدَهُ بِمَا أَسْتَأْصِلُ بِهِ خَضْرَاءَهُمْ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَكَانَ أَتْقَى الرَّجُلَيْنِ فِينَا: لا تفعل، فإن لهم أرحاما. قال: فو الله لأُخْبِرَنَّهُ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ عَبْدٌ، قَالَتْ: ثُمَّ غَدَا عَلَيْهِ الْغَدَ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، إِنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي عِيسَى ابن مَرْيَمَ قَوْلا عَظِيمًا، فَأَرْسِلْ إِلَيْهِمْ، فَاسْأَلْهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ فِيهِ.

قَالَتْ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ؟ قَالَتْ: وَلَمْ يَزَلْ بِنَا مِثْلُهَا، فَاجْتَمَعَ الْقَوْمُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَاذَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول والله فيه مَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّنَا، كَائِنٌ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: مَا تَقُولُونَ فِي عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ؟ قَالَ لَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: نَقُولُ فِيهِ الَّذِي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم: «هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرُوحُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءَ الْبَتُولِ» قَالَتْ: فَضَرَبَ النَّجَاشِيُّ يَدَهُ إِلَى الأَرْضِ، فَأَخَذَ مِنْهَا عُودًا ثُمَّ قَالَ: مَا عَدَا عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ مَا قُلْتَ هَذَا الْعُودَ. ثُمَّ قَالَ: اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ سُيُومٌ بِأَرْضِي- وَالسُّيُومُ الآمِنُونَ- مَنْ سَلِمَ عَزَمَ، مَنْ سَلِمَ [عَزَمَ، مَنْ سَلِمَ عَزَمَ، مَا أُحِبُّ أن أدير ذَهَبًا وَأَنِّي آذَيْتُ مِنْكُمْ رَجُلا. وَالدِّيرُ بِلِسَانِ الحبشة: الحبل] [١] ردّوا عليهما هداياهما، فلا حاجة لنا بها، فو الله مَا أَخَذَ اللَّهُ مِنِّي الرِّشْوَةَ حِينَ رَدَّ عَلَيَّ مُلْكِي، فَآخُذَ الرِّشْوَةَ فِيهِ، وَمَا أَطَاعَ النَّاسَ فِيَّ فَأُطِيعُهُمْ فِيهِ.

قَالَتْ: / فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ مَقْبُوحَيْنَ، مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا مَا جَاءَا بِهِ [٢] ، وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ بِخَيْرِ دَارٍ وَخَيْرِ جَارٍ.

قَالَتْ: فو الله إِنَّا عَلَى ذَلِكَ فَأَنْزَلَ بِهِ مَنْ يُنَازِعُهُ في ملكه.

قالت: فو الله مَا عَلِمْنَا قَطُّ كَانَ أَشَدَّ مِنْ حُزْنٍ حَزِنَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ تَخَوُّفًا أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ الْمَلِكُ عَلَى النَّجَاشِيِّ [فَلا يَعْرِفُ مِنْ حَقِّنَا ما كان يعرفه] [٣] .


[١] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٢] ورد في الأصل فخرجنا من عنده مقبوحين مردودا عليهم ما جاءوا به.
[٣] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ت وأضفناه من البداية ٣/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>