للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربيعة وشيبة بن ربيعة وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد إلى ظل حبلة من عنب، فجلس فيه، وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما لقي من سفهاء ثقيف، فلما اطمأن قال فيما ذكر لي:

«اللَّهمّ إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني، إلى بعيد فيجهمني [١] ، أم إلى عدو ملكته أمري، فإن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات [٢] ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو تحل علي سخطك، لك الرضى حتى [٣] ترضى، لا حول ولا قوة إلا بك» .

فلما رأى ابنا ربيعة- عتبة وشيبة- ما لقي، تحركت له رحمهما [٤] ، فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له: عداس، وقالا له: خذ قطفا من هذا العنب وضعه في ذلك الطبق، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه. ففعل ثم أقبل به حتى وضعه بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال: «بسم الله» ثم أكل.

فنظر عداس إلى وجهه، ثم قال: والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة.

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «ومن أي البلاد أنت، وما دينك» ؟.

قال: أنا نصراني، وأنا رجل من أهل نينوى [٥] .

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى» ؟.

قال له: وما يدريك ما يونس بن متى؟.

قال: ذاك أخي، كان نبيا وأنا نبي.


[١] تجهمه: استقبله بوجه كريه.
[٢] راجع الروض الأنف.
[٣] في الطبري وابن هشام: «لك العتبى» . والمعنى واحد.
[٤] الرحم: الصلة والقرابة.
[٥] نينوى: قال أبو ذر الخشنيّ: «ورويت هنا بضم النون الثانية وبفتحها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>