للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْلَام، ثم قال: «أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم» .

قال: فأخذ البراء بن معرور بيده، ثم قال: والذي بعثك بالحق، لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا [١] ، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أهل الحرب [٢] وأهل الحلقة [٣] ، ورثناها كابرا عن كابر.

قال: فاعترض القول، والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الهيثم بن التيهان [٤] ، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الناس [٥] حبالا ونحن قاطعوها- يعني: اليهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذَلكَ [٦] ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟

فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قال: « [بل] [٧] الدم الدم، والهدم الهدم [٨] ، أنتم مني وأنا منكم، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم» .

وقال: «أخرجوا إلي اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم» .


[١] أزرنا: أي نساءنا. والمرأة قد يكنى عنها بالإزار، كما يكنى أيضا بالإزار عن النفس، ويجعل الثوب عبارة عن لابسه. قال الشاعر:
رموها بأثواب خفاف فلا ترى ... لها شبها إلا النعام المنفرا
وعلى هذا يصح أن يحمل قول البراء على إرادة المعنيين جميعا.
[٢] في ابن هشام: «أبناء الحروب» .
[٣] الحلقة: السلاح.
[٤] في الأصل: «فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم، فقال: أبو الهيثم» . وفي ألوفا: «فاعترض القوم أبو الهيثم بن التيهان، فقال» : وما أثبتناه من أ، وابن هشام.
والتيهان: يروى بتشديد الياء وتخفيفها.
[٥] في ابن هشام: «بيننا وبين الرجال حبالا» .
[٦] في الأصل: «وهل إن عسيت إن فعلنا ذلك» .
[٧] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، وأوردناها من ابن هشام.
[٨] قال ابن قتيبة: كانت العرب تقول عند عقد الحلف والجوار: دمي دمك. وهدمي هدمك، أي ما هدمت من الدماء هدمته أنا.
وروى أيضا: بل اللدم للدم، والهدم للهدم. فاللدم جمع لادم، وهم أهله الذين يلتدمون عليه إذا مات، وهو من لدمت صدرها إذا ضربته.
وقال ابن هشام: ويقال: الهدم الهدم: يعني الحرمة، أي: ذمتي ذمتكم، وحرمتي حرمتكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>