للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما بايعنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْخَ الشيطان من رأس العقبة، بأنفذ صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب [١] ، هل لكم في مذمم [٢] ، والصباة [٣] معه قد اجتمعوا على حربكم.

فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما يقول عدو الله، هذا أزب العقبة [٤] ، اسمع [٥] أي عدو الله، أما والله لأفرغن لك» .

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارفضوا [٦] إلى رحالكم» فقال له العباس بن عبادة بن نضلة: والذي بعثك بالحق، لئن شئت لنميلن غدا على أهل منى بأسيافنا؟.

فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لم تؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم» .

فرجعنا إلى مضاجعنا، فنمنا عليها حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلّة قريش، حتى جاءونا في منازلنا، فقالوا: يا معشر الخزرج، إنا قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا، وإنه والله ما من حي أبغض إلينا، أن تنشب الحرب بيننا وبينهم، منكم.

قال: فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون لهم باللَّه ما كان من هذا شيء، وما علمناه. قال: وصدقوا لم يعلموا. قال: وبعضنا ينظر إلى بعض. قال ابن إسحاق [٧] /: وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن حرام [٨] : أن قريشا أتوا عبد الله بن أبي بن سلول، وذكروا له ما قد سمعوا من أصحابه، فقال: إن هذا الأمر


[١] الجباجب: منازل منى. وأصل إطلاق الجباجب على المنازل، مأخوذ من أن الأوعية من الأدم كالزنبيل ونحوه، تسمى: جبجبة، فجعل الخيام والمنازل لأهلها كالأوعية.
[٢] المذمم: المذموم.
[٣] الصباة، جمع صابئ. وكان يقال للرجل إذا أسلّم في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم «صابئ» .
[٤] أزب العقبة: اسم شيطان، ويروى بكسر الهمزة، وسكون الزاي. والأزب: القصير أيضا.
[٥] في أحد أصول ابن هشام: «أتسمع» .
[٦] أرفضوا: تفرقوا.
[٧] سيرة ابن هشام ١/ ٤٤٨، ٤٤٩.
[٨] في أ: «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>