للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسود بالرمح، وكانت حاملا، فألقت حملها، ونزل حموها فنثر كنانته، وقال، والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما، فرجع الناس عنه، فجاء أبو سفيان، فقال ويحك قد عرفت مصيبتنا ثم خرجت بالمرأة علانية، فيظن الناس إن ذلك عن ذل منا، ولعمري ما لنا حاجة فِي حبسها عن أبيها، ولكن ردها، فإذا هدأ الصوت، وتحدث الناس أنا قد رددناها، فسلها سرا فألحقها بأبيها، ففعل وأقام أبو العاص بن الربيع بمكة، وزينب عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة، قد فرق بينهما الإسلام، حتى إذا كان قبيل الفتح، خرج أبو العاص تاجرا، فلما لحقته سرية لرسول الله، فأصابوا ما معه وهرب، فأقبل تحت الليل حتى دخل على زينب فاستجار بها، فلما خرج رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم إلى الصبح صاحت زينب: أيها الناس إني قد/ أجرت أبا العاص بن الربيع، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، أقبل عليهم، فقال: هل سمعتم ما سمعت، قالوا: نعم، قَالَ: والذي نفسي بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعت منه ما سمعتم، إنه يجير على المسلمين أدناهم. ثم دخل على ابنته، فقال: أي بنية أكرمي مثواه، ولا يخلص إليك، فإنك لا تحلين له.

وقال للسرية التي أصابت ماله: إن تحسنوا تردوا عليه، وإن أبيتم فهو فيء، وأنتم أحق بِهِ، قالوا: بل نرده فردوه.

ثم ذهب إلى مكة فرد ما للناس عنده من مال، ثم قال: يا معشر قريش، هل بقي لأحد منكم عندي مال، قالوا: لا، قال: فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وأن محمدا عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام إلا خوفا أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، ثم خرج فقدم عَلَى رسول الله [١] .

قال ابن عباس: فرد رسول الله زينب بالنكاح الأول، لم يحدث شيئا بعد ست سنين ( [٢] .

وفي رواية أخرى ردها بنكاح جديد.

قال ابن إسحاق [٣] : وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة، قال: جلس


[١] تاريخ الطبري ٢/ ٤٦٩.
[٢] الخبر في تاريخ الطبري ٢/ ٤٧٢، وسيرة ابن هشام ١/ ٦٥٨، ٦٥٩.
[٣] الخبر في تاريخ الطبري ٢/ ٤٧٢، وسيرة ابن هشام ١/ ٦٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>