للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان فيه دهاء فكذب لهم وادعى النبوة، وتسمى برحمان اليمامة، لأنه كان يقول: الذي يأتيني اسمه رحمان، وخاف أن لا يتم له مراده لأن قومه شاغبوه، فقال: هو كما يقولون إلا أنني قد أشركت معه، فشهد لرسول الله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ بأنه نبي، وادعى أنه قد أشرك معه في النبوة، وجعل يسجع لهم ويضاهي القرآن، فمن قوله: سبح اسم ربك الأعلى الذي يستر على الحبلى فأخرج منها نسمة تسعى من بين أضلاع وحشي. ويا ضفدعة بنت الضفدعين نقي ما تنقين وسبحي فحسن ما تسبحين للطين تغني سنين والماء تلبسين، ثم لا تكدرين ولا تفسدين فسبحي لنا فيما تسبحين. وكانوا قد سمعوا منه.

ومن قوله لعنه الله: والليل الأطحم [١] ، والذئب الأدلم [٢] والجذع الأزلم [٣] ما انتهكت أسيد من محرم. وكان يقصد بذلك نصرة أسيد على خصوم لهم.

وقال: / والليل الدامس والذئب الهامس ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس.

وقال: والشاة وألوانها، وأعجبها السود وألبانها، والشاة السوداء واللبن الأبيض، إنه لعجب محض، وقد حرم المذق، ما لكم لا تمجعون.

وكان يقول: والمبذرات زرعا، والحاصدات حصدا، والذاريات قمحا، والطاحنات طحنا، والخابزات خبزا، والثاردات ثردا [٤] ، واللاقمات لقما، إهالة وسمنا، لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المدر، ريفكم فامنعوه.

وأتته امرأة، فقالت: ادع الله لنخلنا ولمائنا فإن محمدا دعا لقوم فجاشت آبارهم، فقال: وكيف فعل محمد؟ قالت: دعي بسجل، فدعا لهم فيه ثم تمضمض ومجه فيه، فأفرغوه في تلك الآبار، ففعل هو كذلك فغارت تلك المياه.

وقال له رجل: برك على ولدي، فإن محمدا يبرك على أولاد أصحابه، فلم يؤت


[١] الأطحم، الطحمة: سواد الليل.
[٢] الأدلم: الأسود الطويل.
[٣] الجذع الأزلم: الدهر.
[٤] ثرد الخبز ثردا: فتّه ثم بله بمرق.

<<  <  ج: ص:  >  >>