للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن إسحاق: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ بعث الزبرقان بن بدر/ السعدي على صدقات قومه بني سعد بن زيد مناة، وبعث مالك بن نويرة الحنظلي على صدقات بني حنظلة، وبعث عدي بن حاتم عَلَى صدقات طيِّئ، فبلغهم وفاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وقد كانوا قبضوا الصدقات.

فأما مالك بن نويرة فإنه ردها إلى قومه، وأما عدي والزبرقان فإن قومهما سألوهما أن يرداها عليهم فأبيا وقالا: لا نرى إلا أنه سيقوم بهذا الأمر قائم بعد رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، فإن كَانَ ذلك دفعناها إليه، وإن كان غير ذلك فأموالكم في أيديكم. فأمسكا الصدقة حتى قدما بها على أبي بكر، فلم يزل لهما بذلك شرف على من سواهما من أهل نجد، وكانت [تلك] الصدقة مما قوي بها أبو بكر على قتال أهل الردة.

فلما أراد [١] أن يتجهز لحرب أهل الردة خرج بالناس حتى نزل بذي القصة، فعبأ هنالك جنوده، فبعث خالد بن الوليد في المهاجرين والأنصار، وجعل ثابت بن قيس على الأنصار وأمره إلى خالد، وأمره أن يصمد لطليحة وعيينة، وكانا على بزاخة وهي ماء من مياه بني أسد، فسار خالد حتى إذا دنا من القوم بعث عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم طليعة، فقدما وكان طليحة وأخوه مسلمة قد خرجا ليستخبرا، فإذا هما بعكاشة وثابت، فقتلاهما، فلما مر بهما خالد مقتولين اشتد ذلك على المسلمين، وقالوا: سيدان من سادات المسلمين وفرسانهم.

فمال خالد إلى طيِّئ فاستعان بهم على الحرب، فسار حتى أتى بزاخة، وبها عيينة في بني فزارة وطليحة في بني أسد، وكانت بنو عامر في ناحية ينتظرون الدبرة على من تكون، وكان طليحة متلففا في كساء له قد غطى وجهه ليجيئه الوحي/ زعم، وعيينة في الحرب، فكان إذا أضجرته الحرب جاء إلى طليحة فيقول: هل جاءك جبريل؟

فيقول: لا، إلى أن قال عيينة: يا بني فزارة، إن هذا كذاب فاجتنبوه، فتفرقوا عنه، فقال:

له قومه: ما تأمرنا، فقال طليحة: اصنعوا مثل ما أصنع، ثم جال في متن فرسه، وحمل امرأته ثم مضى هاربا إلى الشام، فشد خالد بمن معه على بني فزارة فقتل من قتل منهم، وأخذ عيينة أسيرا، ثم كر على بني عامر ففضهم، وأخذ قرة بن هبيرة أسيرا، فأوثقه مع


[١] تاريخ الطبري ٣/ ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>