للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجترئ عليهما الأبطال إلى عسكر فيه سبعون ألفا، فلم يرض أن يخرج حتى سلب فارس الجند، وهتك أطناب بيته، فطلبناه فأدركه الأول، وهو فارس الناس، يعدل بألف فارس فقتله، ثُمَّ أدركه الثاني وهو نظيره فقتله، ثم أدركته ولا أظنني خلفت بعدي من يعدلني، فرأيت الموت فاستأسرت.

ثم أخبرهم بأن الجند عشرون ومائة ألف، وأن الأتباع مثلهم خدام لهم، وأسلم الرجل وسماه سعد مسلما، وعاد إلى طليحة وقال: والله لا يهزمون على ما أرى من الوفاء والصدق والإصلاح، لا حاجة لي في صحبة فارس، فكان من أهل البلاء يومئذ.

وقال سعد لقيس بن هبيرة [١] : أخرج حتى تأتيني بخبر القوم، فخرج وسرح عمرو بن معديكرب، وطليحة، فإذا خيل القوم، فأنشب قيس القتال وطاردهم، فكانت هزيمتهم، وأصاب منهم اثني عشر رجلا وثلاثة أسراء وأسلابا، فأتوا بالغنيمة سعدا.

فلما أصبح رستم [٢] تقدم حتى انتهى إلى العتيق فتباسر حتى إذا كان بحيال قديس خندق خندقا بحيال عسكر سعد، وكان رستم منجما، فكان يبكي مما يرى من أسباب تدل على غلبة المسلمين إياهم، ومما رأى أن عمر دخل عسكر فارس ومعه ملك، فختم [على] سلاحهم ثم حزمه ودفعه إلى عمر.

وكان مع رستم ثلاثة وثلاثون فيلا، في القلب ثمانية عشر، وفي المجنبتين خمسة عشر [فيلًا] ، منها فيل سابور الأبيض، وكان أعظم الفيلة.

فلما أصبح رستم [٣] من ليلته التي بات بها في العتيق، ركب في خيله، فنظر إلى المسلمين، ثُمَّ صعد نحو القنطرة وحرز [الناس] [٤] ، وراسل زهرة، فخرج إليه وأراد أن يصالحهم، وجعل يقول: إنكم جيراننا، وقد كانت طائفة منكم في سلطاننا، فكنا نحسن جوارهم [٥] ، ونكف الأذى عنهم، ونوليهم المرافق [٦] الكثيرة، [فنرعيهم


[١] تاريخ الطبري ٣/ ٥١٤.
[٢] تاريخ الطبري ٣/ ٥١٥.
[٣] تاريخ الطبري ٣/ ٥١٧.
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأوردناه من أ، وفي أ: «وحرزهم الناس» .
[٥] في الأصل: «فكنا نحمي جوارهم» .
[٦] في الأصل: «المراعي الكثيرة» . والتصحيح من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>