للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سعيد بن المسيب [١] : جمع عمر الناس فسألهم فقال: من أي يوم نكتب؟

فقال علي رضي الله عَنْهُ: من يوم هاجر رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، وترك أرض الشرك. ففعله عمر رضي الله عنه.

وقال عثمان رضي الله عنه: أرخوا المحرم أول السنة.

قال مؤلف الكتاب [٢] : فقد قدموا التأريخ شهرين وبعض الآخر، لأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قدم المدينة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول.

وقد قيل: إنما كتب عمر التاريخ في سنة ست عشرة.

وقال/ قدامة بن جعفر الكاتب: تاريخ كل شيء آخره، وهو في الوقت غايته والموضع الّذي انتهى إليه، يقال: فلان تاريخ قومه، أي إليه انتهى شرفهم. ويقال:

ورخت الكتاب توريخا، وأرخته تأريخا، اللغة الأولى لتميم، والأخرى لقيس، ولكل مملكة وأهل ملة تأريخ، وقد كان الروم أرخوا على حسب ما وقع من الأحداث إلى أن استقر تأريخهم على وفاة ذي القرنين، وكانت الفرس تؤرخ بأعدل ملك لها إلى أن استقر تأريخها على هلاك يزدجرد الذي كان آخر ملوكهم، وكانت العرب تؤرخ بتفرق ولد إسماعيل وخروجهم عن مكة، ثم أرخوا بعام الغدرة، وقال: إن ملكا من ملوك حمير وجه إلى الكعبة بكسوة وطيب، فاعترض قوم من بني يربوع بن حنظلة الرسل فقتلوهم، فانتهبوا ذلك، وكانوا لا يفعلون ذلك في الأشهر الحرم، فسمي عام الغدرة. ثم أرخوا بعام الفيل، وكان في اليوم الثاني عشر من شباط سنة ثمانمائة واثنين وثمانين لذي القرنين، ثم أرخ بسني الهجرة، ابتدأ بذلك عمر بن الخطاب.

والتواريخ العربية إنما هي على الليالي، وسائر تواريخ الأمم على الأيام لأن سنيهم تجري على أمر الشمس، وهي نهارية، وسنو العرب يعمل فيها على القمر، وابتداء رؤيتنا له الليل، فيقال في أول ليلة مستهل، ولا يقال ذلك في النهار، ويقال في آخر الشهر يوم كذا: انسلاخ شهر كذا، لأن الشهر يبتدئ بابتداء الليل وينقضي بانقضاء


[١] تاريخ الطبري ٤/ ٣٩.
[٢] في الأصل: «قلت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>