للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قُتِلَ فَعَلَيْكُمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَلَيْكُمُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ.

وَكَتَبَ إِلَى النُّعْمَانِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَعَكَ فِي جُنْدِكَ عَمْرَو بْنَ مَعْدِيَكْرُبَ الْمُذْحَجِيَّ، وَطُلَيْحَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيَّ، فَأَحْضِرْهُمَا النَّاسَ، وَشَاوِرْهُمَا فِي الْحَرْبِ، وَلا تُوَلِّهِمَا عَمَلا، ثُمَّ دَعَا السَّائِبَ بْنَ الأَقْرَعِ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْكِتَابَ وَقَالَ: انْطَلِقْ فَاقْرَأْ كِتَابِي عَلَى النَّاسِ، وَانْظُرْ ذَلِكَ الْجَيْشَ، فَإِنِ اللَّهُ أَعَزَّهُمْ وَنَصَرَهُمْ كُنْتَ أَنْتَ الَّذِي تَلِي مَغَانِمَهُمْ وَمَقَاسِمَهُمْ، وَلا تَرْفَعَنَّ إِلَيَّ بَاطِلا، وَلا تُنْقِصْ أَحَدًا شَيْئًا هُوَ لَهُ، وَإِنْ ذَلِكَ الْجَيْشُ ذَهَبَ فَاذْهَبْ فِي الأَرْضِ، وَلا أَرَاكَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنَيَّ مَا بَقِيتُ أَبَدًا، فَسَارَ السَّائِبُ حَتَّى قَدِمَ الْكُوفَةَ، وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِكِتَابِهِمْ، فَفَعَلُوا مَا أَرَادَ، وَسَارَ النَّاسُ وَأَقْبَلَتِ الأَعَاجِمُ بِمَجْمُوعِهَا حَتَّى نَزَلُوا نَهَاوَنْدَ، وَسَارَ النُّعْمَانُ بن مقرن بالناس حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بَعَثَ بَكِيرَ بْنَ شَدَّاخٍ اللَّيْثِيَّ وَطُلَيْحَةَ بْنَ خُوَيْلِدٍ الأَسَدِيَّ، فَأَمَّا بَكِيرُ فَرَجَعَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا وَرَاءَكَ؟ / قَالَ: أَرْضُ الأَعَاجِمِ وَأَنَا بِهَا جَاهِلٌ، فَخَشِيتُ أَنْ يُؤْخَذَ عَلَيَّ بِمَضَايِقِ الْجِبَالِ، وَنَفَذَ طُلَيْحَةُ حَتَّى عَلِمَ الْخَبَرَ، وَسَارَ النَّاسُ حَتَّى نَزَلُوا نَهَاوَنْدَ، فَأَقَامُوا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ، فَأَجْمَعُوا أَنْفُسَهُمْ وَدَوَابَّهُمْ، ثُمَّ غَدُوا يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ فِي الْحَدِيدِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى كَثُرَ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ وَالْجِرَاحَاتُ حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَرَجَعَ الْفَرِيقَانِ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ، فَبَاتَ الْمُسْلِمُونَ يُعَصِّبُونَ بِالْخِرَقِ، وَتُوقَدُ لَهُمُ النِّيرَانُ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْمَعَازِفِ وَالْخُمُورِ حَتَّى أَصْبَحُوا، [ثُمَّ غَدُوا يَوْمَ الْخَمِيسِ عَلَى الْبَرَاذِينَ وَأَقْبِيَةِ الدِّيبَاجِ وَالسُّيُوفِ الْمُحَلاةِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى كَثُرَ الْقَتْلَى فِي الْفَرِيقَيْنِ والجراحات، وَحَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ فَرَجَعَ الْفَرِيقَانِ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ، فَبَاتَ الْمُسْلِمُونَ يُعَصِّبُونَ وَتُوقَدُ لَهُمُ النِّيرَانُ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْمَعَازِفِ وَالْخُمُورِ] [١] .

ثُمَّ غَدُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَرَكِبَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقْرِنٍ- وَكَانَ رَجُلا قَصِيرًا آدَمَ- فَرِسًا أَبْيَضَ، وَعَلَيْهِ قِبَاءٌ أَبْيَضُ وعمامة بيضاء، ورفعت الرايات، ثم قال: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ بَابٌ بَيْنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، فَإِنْ كُسِرَ ذَلِكَ الْبَابُ دَخَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَلْيَشْغَلْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ قَرِينَهُ، أَلا إِنِّي أَهُزُّ الرَّايَةَ هِزَّةً فَلْيَتَعَاهَدِ الرَّجُلُ حِزَامَهُ وَسِلاحَهُ، ثُمَّ إِنِّي هَازٌّ الثَّانِيَةَ فَلْيَنْظُرِ الرَّجُلُ إِلَى مُصَوَّبِ رُمْحِهِ وَمَوْضِعِ سلاحه


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأوردناه من أ، ظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>