للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّعْمَانَ] قُلْتُ: يَا أَمِيرَ/ الْمُؤْمِنيِنَ: مَا قُتِلَ بَعْدَهُ رَجُلٌ فَعُرِفَ وَجْهُهُ، فَقَالَ: هَؤُلاءِ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ لا يَعْرِفُهُمْ عُمَرُ، وَمَا مَعْرِفَةُ عُمَرَ، وَمَا مَعْرِفَةُ عُمَرَ لَكِنِ اللَّهُ يَعْرِفُهُمُ، الَّذِي رَزَقَهُمُ الشَّهَادَةَ، وَسَاقَهُمْ إِلَيْهَا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ عُمَرَ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، فَبَكَى طَوِيلا ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ: أُعْطِيَتْ أَبْشَارُهُمْ أَمْ دَفَنْتُمُوهُمْ، فَقُلْتُ: لا بَلْ دفناهم، تم قَامَ عُمَرُ فَأَخَذْتُ بِثَوْبِهِ فَقُلْتُ. إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ: وَمَا حَاجَتُكَ؟ فَجَلَسَ فَأَرَيْتُهُ ذَلِكَ، وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ الدِّهْقَانِ فَدَعَا عَلِيًّا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَرْقَمَ صَاحِبَ الْخِزَانَةِ، فَقَالَ: ضَعُوا عَلَى هَذِهِ خَوَاتِيمَكُمْ، وَوَضَعَ خَاتَمَهُ ثم قال لعبد اللَّهِ بْنِ أَرْقَمَ:

ارْفَعْ هَذَا عِنْدَكَ، ثُمَّ انْصَرَفَ السَّائِبُ حَتَّى قَدِمَ الْكُوفَةَ، فَأَتَاهُ بَرِيدُ عُمَرَ [يَدْعُوهُ] [١] مُسْتَعْجِلا، فَأَتَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ نَادَاهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ: أَخْبِرْنِي خَبَرَ السَّفَطَيْنِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ رَدَدْتُ عَلَيْكَ حَدِيثَهُمَا فَزِدْتُ حَرْفًا أَوْ نَقَّصْتُ حَرْفًا لأَكْذَبْتُكَ، قَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّهُ لَمَّا فَارَقْتَنِي وَأَخَذْتُ مَضْجَعِي مِنَ اللَّيْلِ لِمَنَامِي أَتَانِي مَلائِكَةٌ فَأَوْقَدُوا سُفْطَيْكَ عَلَى جَمْرَةٍ، ثُمَّ جَعُلُوا يَدْفَعُونَهَا فِي نَحْرِي، وَأَنَا أَنْكَبُّ وَأُعَاهِدُ اللَّهَ لأَرُدَّنَّهُمَا عَلَى مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَكَادَ ابْنُ الْخَطَّابِ يَحْتَرِقُ بِالنَّارِ، فَانْطَلِقْ بِهَذَيْنِ السَّفطَيْنِ فَضَعْهُمَا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، فَإِنْ وَجَدْتَ بِهِمَا عَطَاءَ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِيَّةِ فَبِعْهُمَا وَاقْسِمْهُمَا عَلَى مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بِهِمَا إِلا نِصْفَ عَطَاءِ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِيَّةِ فَبِعْهُمَا.

فَوَضَعْتُهُمَا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، فَمَرَّ بِنَا عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ فَاشْتَرَاهُمَا بِعَطَاءِ الْمُقَاتِلَةِ وَالذُّرِيَّةِ، فَبَاعَ أَحَدَ السَّفَطَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، ثُمَّ اشْتَرَاهُمَا بِهِ، وَبَقِيَ الآخَرُ رِبْحًا، وَكَانَ أَوَّلُ قُرَيْشٍ عَقَدَ بِالْكُوفَةِ مَالا.

[أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنِ شَاذَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ الأَسَدِيُّ، عَنِ الرَّسُولِ الَّذِي جَرَى بَيْنَ عُمَرَ وَسَلَمَةَ بْنِ قيس الأشجعي] [٢] ، قال:


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأوردناه من أ، ظ.
[٢] ما بين المعقوفتين: وفي الأصل: «روى المؤلف بإسناده قال» .

<<  <  ج: ص:  >  >>