للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يسأل عمرو بن معديكرب عَن أشياء، فسأله عَن الحرب، فَقَالَ: مرة المذاق إِذَا كشفت عَن ساق، من صبر فِيهَا عرف، ومن ضعف فِيهَا تلف. وسأله عَن السلاح، فَقَالَ: مَا تقول فِي الرمح؟ / فَقَالَ: أخوك وربما خانك، قَالَ: فالنبل؟ قَالَ: منايا تخطىء وتصيب، قَالَ: فالدرع؟ قَالَ: مشغلة للفارس متعبة للراجل، وإنه لحصن حصين، قَالَ: فالترس؟ قَالَ: هُوَ المجن عَلَيْهِ تدور الدوائر، قَالَ: فالسَّيْف؟ قال: عندها فارتقتك أمك عَن الثكل، فَقَالَ لَهُ عُمَر: بَل أمك، قَالَ: بَل أمي والحمى أضرعتني لَكَ، وَهَذَا مثل معناه: أَن الإِسْلام أدلني ولو كنت فِي الجاهلية لَمْ تجسر أَن ترد علي.

وَقَالَ لَهُ يوما: حَدَّثَنِي عَن أشجع من لقيت، وأجبن من لقيت. فَقَالَ مَا.

[أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر الْحَافِظ، أَخْبَرَنَا الْمُبَارَك بْن عَبْد الجبار، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حيويه، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر بْن خلف، وحدثنا عَنْهُ مُحَمَّد بْن حريث، أَخْبَرَنَا القاسم بْن الْحَسَن، أَخْبَرَنَا العمري، أَخْبَرَنَا الهيثم بْن عدي، عَن عَبْد اللَّهِ بْن عياش، عَن مجالد] [١] ، عَنِ الشعبي، قَالَ:

دَخَلَ عمرو بن معديكرب يوما عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ:

يا عَمْرو أخبرني عَن أشجع من لقيت، وأحيل من لقيت، وأجبن من لقيت، قَالَ: نعم يا أمير الْمُؤْمِنيِنَ.

خرجت مرة أريد الغارة، فبينما [٢] أنا أسير إِذَا أنا بفرس مشدود ورمح مركوز، وإذا رجل جالس، و [إذا] هُوَ كأعظم [٣] مَا يَكُون من الرجال خلقة، وَهُوَ مجتب بسَيْف، فَقُلْتُ لَهُ: خذ حذرك فإني قاتلك، فَقَالَ: من أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: أنا عمرو بن معديكرب، فشهق شهقة فمات، فهذا أجبن من رأيت يا أمير الْمُؤْمِنيِنَ.

وخرجت يوما آخر حَتَّى انتهيت إِلَى حي، فَإِذَا أنا بفرس مشدود ورمح مركوز، وإذا صاحبه فِي وهدة يقضي حاجته، فَقُلْتُ لَهُ: خذ حذرك فإني قاتلك، قال: من أنت؟


[١] ما بين المعقوفتين: من أ، وفي الأصل: «روى المؤلف بإسناده عن الشعبي» .
[٢] في الأصل: «فبينا أنا في السير وإذا بفرس» .
[٣] في الأصل: «وهو كأعظم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>