للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَقْبَلَ الحسن بن علي، فقَالَ له: مرنا بأمرك، فقَالَ: يا ابن أخي، أوصيك بما أوصي به نفسي، واصبر وما صبرك إلا باللَّه، وجاء ابن الزبير، فقَالَ له مثل ذلك، وجاء مُحَمَّد بن طَلْحَة فقَالَ له مثل ذلك.

وأشرف عثمان [١] ، فقَالَ: يا أهل المدينة إني أستودعكم الله فارجعوا، ولزم عثمان الدار أربعين ليلة، فلما مضت من الأربعين ثماني عشرة ليلة قدم ركبان من الوجوه فأخبروا خبر من قد تهيأ إليهم من الآفاق: حبيب من الشام، ومعاوية من مصر، والقعقاع بن عمرو من الكوفة، ومجاشع من البصرة، فعندها حالوا بين الناس وبين عثمان، ومنعوه من كل شيء حتى الماء، فبعث إلى علي رضي الله عنه بأنهم قد منعونا ١٩/ أالماء، وإلى طَلْحَة والزبير وعائشة وأزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ [٢] ، فجاء إليهم علي فقَالَ: إن الذي تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، فإن الروم لتأسر فتطعم وتسقي، فقالوا:

لا والله ولا نعمة عين، لا نتركه يأكل ولا يشرب، فرجع. وجاءت أم حبيبة [على بغلة لها برحالة] [٣] مشتملة على إداوة، فقالت لهم: إن وصايا بني أمية إلى هذا الرجل فأحببت أن ألقاه فأسأله كيلا تهلك أموال اليتامى، فقالوا:

كاذبة، وقطعوا حبل بغلتها بالسيف، فنذرت فتلقاها الناس.

وتجهزت عائشة خارجة إلى الحج هاربة.

وحج بالناس تلك السنة عَبْد اللَّهِ بن عباس بأمر عثمان وهو محصور.

فلما علم المصريون أنهم مقصودون، قالوا: لا ينجينا إلا قتل هذا الرجل، فراموا الباب، فمنعهم الحسن، وابن الزبير، ومُحَمَّد بن طَلْحَة، ومروان، وسعيد بن العاص، وكانوا مقيمين على الباب، فناداهم عثمان: الله الله، أنتم فِي حل من نصرتي، فأبوا، ففتح الباب، وخرج ومعه الترس والسيف، فبارز المصريون، وركبهم هؤلاء فتراجعوا، وأقسم على أصحابه ليدخلن إذ أبوا أن ينصرفوا، فدخلوا فأغلق الباب دون المصريين،


[١] تاريخ الطبري ٤/ ٣٨٥.
[٢] في الأصل: «أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>