للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتب معاوية إلى قيس بن سعد [١] : سلام عليك، أما بعد، فإنكم كنتم نقمتم على عثمان فِي أثرة رأيتموها، أو ضربة بسوط ضربها، فإنكم قد علمتم أن دمه لم يكن يحل لكم، فتب إلى الله يا قيس بن سعد، فإنك كنت من المجلبين على عُثْمَان بْن عَفَّانَ، فأما صاحبك فقد استيقنا أنه الذي أغرى الناس به، وحملهم على قتله، فإن استطعت يا قيس أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل، تابعنا على أمرنا، ولك سلطان العراق إذا ظهرت ما بقيت، ولمن أحببت من أهل بيتك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان. وسلني غير هذا مما تحب.

فلما جاءه كتاب معاوية أحب أن يدافعه، فكتب إليه: أما بعد، فقد بلغي كتابك، ٣٧/ ب وفهمت/ ما ذكرت فيه من قتل عثمان، وذلك أمر لم أفارقه، وذكرت أن صاحبي هو الذي أغرى الناس بعثمان، وهذا لم أطلع عليه، وأما ما سألتني من متابعتك وعرضت علي من الجزاء فيه فهذا أمر لي فيه نظر، ولن يأتيك شيء تكرهه.

فلما قرأ معاوية الكتاب كتب إليه: أما بعد، فإني لم أرك تدنو فأعدك سلما، ولم أرك تباعد فأعدك حربا، وليس مثلي ينخدع ومعه عدد الرجال، وبيده أعنة الخيل.

فلما قرأ كتاب معاوية، ورأى أنه لا يقبل منه المدافعة، كتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم من قيس بن سعد إلى معاوية بن أبي سفيان، أما بعد، فالعجب العجيب من اغترارك [٢] وطمعك فِي أن تسومني للخروج من طاعة أولى الناس بالإمارة، وأقولهم للحق [٣] ، وأقربهم من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتأمرني بالدخول فِي طاعة أبعد الناس من هذا الأمر، وأقولهم بالزور، وأضلهم سبيلا، وقولك إني مالئ عليك مصر خيلا ورجلا [٤] ، فو الله لأشغلنك بنفسك حتى تكون نفسك أهم إليك، إنك لذو جد، والسلام.

فلما أتى معاوية كتاب قيس أيس منه، وثقل عليه مكانه.

قَالَ الزهري: كان معاوية وعمرو بن العاص جاهدين أن يخرجا قيسا من مصر


[١] تاريخ الطبري ٤/ ٥٥٠.
[٢] في الأصل: «فالعجب العجب من اغترارك» .
[٣] في أ: «وأقر لهم بالحق» .
[٤] في ابن الأثير: «خيلا رجالا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>