للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبدءوك حتى تدعوهم وتسمع قولهم، واجعل على ميمنتك زيادا وعلى ميسرتك شريحا، وقف من أصحابك وسطا، فإني حثيت السير فِي أثرك إن شاء الله تعالى.

وكتب إليهما [١] : إني قد أمرت عليكما مالكا، فاسمعا له وأطيعا. وقدم الأشتر على القوم، وكف عن القتال حتى إذا كان المساء حمل عليهم أبو الأعور، فثبتوا له، واضطربوا له ساعة، ثم انصرف أهل الشام، ثم خرج إليهم من الغد هاشم بن عتبة الزهري فِي خيل ورجال، فاقتتلوا يومهم ذلك، وحمل عليهم الأشتر فقتل عَبْد اللَّهِ بن المنذر التنوخي، وحجز الليل بينهم [٢] ، فلما أصبحوا انصرف أهل الشام تحت الليل، فقدم الأشتر بمن معه، ولحقه علي، فأمر الناس فوضعوا الأثقَالَ وذهب شباب الناس يستقون [٣] الماء، فمنعهم أهل الشام فاقتتلوا على الماء، وكان معاوية قد اختار موضعا سهلا إلى جانب شريعة فِي الفرات، ليس ثمة غيرها، فجاء أصحاب علي فأخبروه بعطش الناس، وإنهم لم يجدوا غير شريعة القوم، فقَالَ: قاتلوهم عليها، فقَالَ الأشعث بن قيس: أنا أسير إليهم، فقَالَ علي: سر.

فسار فِي أصحابه، فثاروا فِي وجوههم، فتراموا بالنبل، وتطاعنوا بالرمح، واجتلدوا بالسيوف، وأتى أهل الشام يزيد بن أسد البجلي مددا، وخرج عمرو بن العاص فِي جند كثير يمد أبا الأعور ويزيد بن أسيد، وجاء الأشتر يمد الأشعث بن قيس، وشبث بن ربعي، فاشتد القتال، وأنشأ عَبْد اللَّهِ بن عوف الأزدي مرتجزا يقول:

٣٩

/ ب/ خلوا لنا ماء الفرات الجاري ... أو أثبتوا لجحفل جرار

لكل قوم [٤] مستميت شاري ... مطاعن برمحه كرّار

ضرّاب هامات العدا مغوار

وأتى مملوك لبعض أهل العراق فملأ قربته فشد عليه رجل من أهل الشام فضربه فصرعه، ثم إن القوم خلوا عن الماء فاجتمعت سقاة الفريقين عليه، وبعث علي رضي


[١] في الأصل: «وكتب شريح وزياد» .
[٢] في الأصل: «وحجز الظلام بينهم» .
[٣] في الأصل: «وذهب شباب القوم» .
[٤] في الأصول: «لكل قرن» .

<<  <  ج: ص:  >  >>