للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجتمع معه ثمانية وستون ألفا، فلما سمع الناس خبر هؤلاء قالوا: لو سار بنا إلى هؤلاء فبدأنا بهم [١] ثم وجهنا إلى المحلين [٢] ، فبلغه قولهم، فقَالَ: إن غير هؤلاء أهم إلينا، فسيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين، فقالوا: سر بنا حيث أحببت.

فلما بلغه قتلهم عَبْد اللَّهِ بن خباب بعث إليهم الحارث بن مرة العبدي ليأتيه بخبرهم، فلما دنا منهم يسألهم قتلوه. فأتى الخبر عليا، فقام الناس/ إليه، فقالوا: يا ٥٣/ أأمير المؤمنين، علام ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا فِي أموالنا وعيالنا، سر بنا إلى القوم، فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام.

فنادى بالرحيل وخرج، ثم بعث إليهم: ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم نقتلهم بهم، ثم نكف عنكم، واخرجوا بنا إلى قتال عدونا وعدوكم، فبعثوا إليه كلنا قتلهم، وكلنا نستحل لدمائهم ودمائكم. وفِي رواية أخرى [٣] أن عليا أتاهم فوقف عليهم، فقَالَ: أيتها العصابة التي أخرجتها اللجاجة، وصدها عن الحق الهوى، إني نذير لكم أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النهر، تلفيكم الأمة غدا بغير بينة من ربكم [٤] ، وإن الحكمين اختلفا وخالفا كتاب الله والسنة، فنبذنا أمرهما ونحن على الأمر الأول، فما الذي بكم؟ ومن أين أتيتم؟

فقالوا: إنا لما حكمنا أثمنا وكلنا بذلك كافرين وقد تبنا قَالَ: إذا تبت كما تبنا، فنحن منك وإلا فاعتزلنا فإنا منابذوك على سواء، فقَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أصابكم حاصب ولا بقي منكم وابر [٥] ، أبعد إيماني برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهجرتي معه وجهادي فِي سبيل الله أشهد على نفسي بالكفر، لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين.


[١] في ت: «هؤلاء فبدأ بهم» .
[٢] المحل: الّذي نقض العهد، وفي ابن الأثير والنويري: «إلى قتال المحلين» .
[٣] تاريخ الطبري ٥/ ٨٤.
[٤] في تاريخ الطبري: «تلفيكم الأمة غدا صرعى بأثناء هذا النهر وبأهضام هذا الغائط، بغير بينة من ربكم» .
[٥] يقال ما بالدار وابر، أي: ما بالدار أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>