للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القيسي، [١] وكان عاملا له على المدائن، يخبرني أنهم ارتحلوا حتى نزلوا بهرسير، وأنهم أرادوا أن يعبروا إلى المدينة العتيقة التي بها منازل كسرى، فمنعهم سماك أن يجوزوا، فنزلوا بمدينة بهرسير مقيمين، فاخرجوا إليهم، وانكمش فِي آثارهم ولا تدعهم والإقامة فِي بلد أكثر من الساعة التي تدعوهم فيها، فإن قبلوا وإلا فناهضهم، فإنهم لن يقيموا ببلد يومين إلا أفسدوا كل من خالطهم، فخرج من يومه فبات بسورا، فبعث المغيرة مولاه ورادا إلى المسجد فقام فقَالَ: أيها الناس، إن معقل قد سار إلى هذه العصبة المارقة وهو بائت الليلة بسورا، فلا يتخلف عنه أحد من أصحابه ألا وإن الأمير يخرج على كل رجل من المسلمين ويعزم عليهم أن يبيتوا [٢] بالكوفة، وأيما رجل من هذا البعث وجدناه بعد يومنا هذا بالكوفة فقد أحل بنفسه.

قَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ بن جندب، [عن عَبْد اللَّهِ بن عقبة] [٣] الغنوي، [قَالَ] : [٤] كنت فيمن خرج مع المستورد، وكنت أحدث رجل منهم، فخرجنا حتى أتينا الصراة، فأقمنا بها حتى تتامت جماعتنا، ثم خرجنا حتى انتهينا إلى بهرسير، فدخلناها، ونذر بنا سماك بن عبيد العبسي، وكان على المدينة العتيقة، فلما ذهبنا لنعبر الجسر إليهم قاتلنا [٥] عليه، ثم قطعه علينا، فأقمنا ببهرسير. قَالَ: فدعاني المستورد فقَالَ لي:

أتكتب يا ابن أخي؟ قلت: نعم، فدعا برق ودواة، وقَالَ: اكتب: من عَبْد اللَّهِ المستورد أمير المؤمنين إلى سماك بن عبيد، أما بعد. فإنا نقمنا على قومنا الجور فِي الأحكام، وتعطيل الحدود والاستئثار بالفيء، وإنا ندعوك إلى كتاب الله، وسنة نبيه وولاية/ أبي ٨٣/ ب بكر وعمر، والبراءة من علي وعثمان، لإحداثهما فِي الدين، وتركهما حكم الكتاب، فإن تقبل فقد أدركت رشدك، وإن لا تقبل فقد أبلغنا فِي الإعذار إليك، وقد آذناك بحرب، ونبذنا إليك على سواء، إن الله لا يحب الخائنين.


[١] في الطبري: «عبيد العبسيّ» .
[٢] في الأصل: «أن يبت» .
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصول، أوردناه من الطبري.
[٤] الخبر في تاريخ الطبري ٥/ ١٩٠.
[٥] في الأصل: «لنعبر الجسر عليهم قاتلنا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>