للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَمِيعًا وَأَخَذْتُ جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُمْ، فَقَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجِدُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَصْحَابِهِ، وَعَلَيَّ ثِيَابُ سَفَرِي، فَسَلَّمْتُ بِسَلامِ الإِسْلامِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ- وَكَانَ بِي عَارِفًا- فَقَالَ: ابْنُ أَخِي عُرْوَةَ، قُلْتُ: نَعَمْ، جِئْتُ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَمْدُ للَّه الَّذِي هَدَاكَ لِلإِسْلامِ» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِنْ مِصْرَ أَقْبَلْتُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْمَالِكِيُّونَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَكَ؟

قُلْتُ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْعَرَبِ وَنَحْنُ عَلَى دِينِ الشِّرْكِ فَقَتَلْتُهُمْ وَأَخَذْتُ أَسْلابَهُمْ، وَجِئْتُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَخْمِسَهَا أَوْ يَرَى فِيهَا رَأْيَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ غَنِيمَةٌ مِنْ مُشْرِكِينَ وَأَنَا مُسْلِمٌ مُصَدِّقٌ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أما إسلامك فنقبله/ ولا ٩٦/ ب آخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا وَلا أُخْمِسُهُ لأَنَّ هَذَا غَدْرٌ، وَالْغَدْرُ لا خَيْرَ فِيهِ» . قَالَ: فَأَخَذَنِي مَا قَرَّبَ وَمَا بَعَّدَ، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَتَلْتُهُمْ وَأَنا عَلى دِينِ قَوْمِي ثُمَّ أَسْلَمْتُ حَيْثُ دَخَلْتُ عَلَيْكَ السَّاعَةَ قَالَ: فَإِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ. قَالَ: وكان قد قتل منهم [١] ثلاثة عشر إنسانا، فبلغ ذلك ثقيفا فتداعوا للقتال ثم اصطلحوا على أن يحمل عني عروة بن مسعود ثلاث عشرة دية.

قَالَ المغيرة: وأقمت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى اعتمر عمرة الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الهجرة- وكانت أول سفرة خرجت معه فيها، وكنت أكون مع أبي بكر الصديق وألزم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيمن يلزمه.

وبعثت قريش عام الحديبية عروة بن مسعود إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليكلمه، فأتاه فكلمه وجعل يمس لحية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمغيرة بن شعبة قائم على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقنع فِي الحديد. فقَالَ لعروة وهو يمس لحية رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كف يدك قبل أن لا تصل إليك، فقَالَ عروة: من هذا يا مُحَمَّد، ما أفظه وأغلظه؟ قَالَ: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة، فقَالَ عروة: يا غدر ما غسلت عني سوأتك بالأمس. وانصرف عروة إلى قريش فأخبرهم بما كلم به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وشهد المغيرة بعد ذلك المشاهد مع رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان يحمل وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ولما توفي رسول الله بعثه أبو بكر الصديق إلى أهل البحرين، ثم شهد اليمامة،


[١] من هنا إلى آخر الخبر ساقط من ابن سعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>